وظاهره التحريم ، كما عليه المشهور على الظاهر ، المصرّح به في المختلف (١). ولا ريب فيه مع قصد الشرعية ، كما في المسألة المتقدمة (٢) ، وإلاّ فما ذكروه من الأدلة على التحريم لا تفيده كلية عدا الإجماع ، وفي شمول دعواه لمحل الفرض إشكال ، بل ظاهر سياق عباراتهم الإجماع على المنع عنه بالنحو الذي يراه جماعة من العامة من كونه سنة (٣) ، فمحصّله الإجماع على عدم كونه سنة ، لا أنه محرّم مطلقا ، ولو مع عدم قصد الشرعية.
وبالجملة : الظاهر أن محل النزاع الذي يدّعى فيه الإجماع إنما هو التثويب الذي يفعل بقصد الاستحباب ، كما عليه العامة ، ولذا أن المحقق الثاني مع تصريحه أوّلا بالتحريم مطلقا قال ـ بعد الاستدلال عليه ونقل معارضه من الأقوال والأخبار ـ : نعم لو قاله معتقدا أنه كلام خارج من الأذان اتّجه القول بالكراهة ، لكن لا يكون بينه وبين غيره من الكلام فرق ، على أن البحث فيه مع من يقول باستحبابه في الأذان وعدّه من الفصول ، فكيف يعقل القول بالكراهة (٤). انتهى.
ولنعم ما أفاد وأجاد ، رحمه الله. ويعضده ما في كتاب زيد النرسي عن مولانا الكاظم عليهالسلام : « الصلاة خير من النوم بدعة بني أميّة ، وليس ذلك من أصل الأذان ، ولا بأس إذا أراد الرجل أن ينبّه الناس للصلاة أن ينادي بذلك ، ولا يجعله من أصل الأذان ، فإنا لا نراه أذانا » (٥) فتأمّل (٦).
__________________
(١) المختلف : ٨٩.
(٢) راجع ص ٩٧ ، ٩٨.
(٣) انظر نيل الأوطار ٢ : ١٨ ، والمجموع ٣ : ٩٨.
(٤) جامع المقاصد ٢ : ١٩٠.
(٥) الأصول الستة عشر : ٥٤ ، المستدرك ٤ : ٤٤ أبواب الأذان والإقامة بـ ١٩ ح ٢.
(٦) وجهه أنه يحتمل أن يكون المراد بالرخصة في قوله ، الرخصة فيه في غير الأذان ، أي خارجه ، وهو غير بعيد ، ويشهد له ما روي فيه أيضا ( أصل زيد النرسي : ٥٤ ، المستدرك ٤ : ٢٥ ، ٤٤ ) أنه عليهالسلام سئل عن الأذان قبل طلوع الفجر ، فقال : « لا ، إنما الأذان عند طلوع الفجر أوّل ما يطلع ، قيل : فإن كان يريد أن يؤذن الناس بالصلاة وينبّههم ، قال : فلا يؤذّن ، ولكن ليقل وينادي بالصلاة خير من النوم ، يقولها مرارا ، وإذا طلع الفجر أذّن » فتأمل. منه رحمه الله.