وقصده متقربا فقد قصد الذي هو متصف بالوجوب أو الندب ، لأنه أحضر المنوي المتصف بأحدهما واقعا ، لأن النية أمر بسيط فيكون ممتثلا وإن لم يخطر بباله كون ما أتى به واجبا أو مندوبا ، لأن الامتثال يحصل بقصد المأمور به المعيّن ، وإن كان الواجب أن لا يخطر ما هو متصف بالوجوب بصفة الندب ، ولا العكس.
مع إمكان التأمّل في هذا أيضا ، كما عن الماتن في بعض تحقيقاته في نية الوضوء ، حيث إنه ـ بعد أن استظهر عدم اشتراط نية الوجه في صحته ـ قال في جملة كلام له : وما يقوله المتكلمون ـ من أن الإرادة تؤثّر في حسن الفعل وقبحه ، فإذا نوى الوجوب والوضوء مندوب فقد قصد إيقاع الفعل على غير وجهه ـ كلام شعري ، ولو كان له حقيقة لكان الناوي مخطئا في نيّته ، ولم تكن النيّة مخرجة للوضوء عن التقريب (١). انتهى.
وهو في غاية الجودة ، لكن ينبغي تخصيصه بصورة ما إذا نوى المأمور به المعيّن في الوقت الذي يفعله وكان واحدا ، كما فرضنا.
ولكن الأحوط اعتبار الوجه مطلقا ، كما ذكروه ، خروجا عن شبهة الإجماع المؤيّدة بالشهرة العظيمة بين الأصحاب ، وإن خالف فيه جماعة من محقّقي متأخّري المتأخّرين (٢).
واعلم أن شيخنا في الروضة ـ بعد اختياره مذهب الأصحاب ، وتحقيقه الأمر في النية ـ قال : ـ ولنعم ما قال ـ وقد تلخّص من ذلك أن المعتبر في النية أن يحضر بباله مثلا صلاة الظهر الواجبة المؤداة ، ويقصد فعلها لله تعالى ، وهذا أمر سهل ، وتكليف يسير ، قبل أن ينفكّ عن ذهن المكلف عند إرادته الصلاة ،
__________________
(١) حكاه عنه في الذخيرة : ٢٣.
(٢) انظر مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٩٨ ، والمدارك ٣ : ٣١٠ ، والذخيرة : ٢٤ ، ونقل في مفتاح الكرامة ١ : ٢٢٠ عن شرح المفاتيح للوحيد البهبهاني.