النبي ، واسأله أن يتقبّله منك » (١) فإنّ ظاهره عدم الوجوب في ركعتي الطواف ، ولا قائل بالفصل.
ويرد على الصحاح الأوّلة : أنها كما تدلّ على عدم وجوب التسليم كذا تدلّ على عدم وجوب الصلاة على النبي وآله ، ولا قائل به منا. هذا على تقدير تسليم الدلالة ، وإلاّ فإنّ غايتها الدلالة على حصول الانصراف من الصلاة بالفراغ من الشهادتين ، وهو لا يستلزم عدم وجوب التسليم مطلقا ، بل عدم وجوبه في الصلاة ، وهو لا ينافي وجوبه خارجا من الصلاة كما هو رأي بعض الأصحاب (٢) ، وإن كان الأشهر الأظهر بل المجمع عليه ـ كما ذكره جماعة (٣) ـ خلافه.
هذا ، مع أن الذي يقتضيه جملة من النصوص (٤) ، وفيها الصحيح وغيره ، أن المراد بالانصراف هو التسليم. ويشهد له الأمر به في جملة من هذه الصحاح ، إذ أقلّه الطلب ، وهو يستدعي عدم حصول المطلوب بعد الفراغ من الشهادتين ، ولا يكون ذلك إلاّ على تقدير كون المراد بالانصراف ما ذكرناه ، لا المعنى اللغوي ، لحصوله بمجرد الفراغ من الشهادتين على القول باستحباب التسليم ، فلا معنى لطلبه ، فتأمّل.
__________________
(١) الكافي ٤ : ٤٢٣ / ١ ، التهذيب ٥ : ٢٨٦ / ٩٧٣ ، الوسائل ١٣ : ٣٠٠ أبواب الطواف بـ ٣ ح ١.
(٢) كالبهائي في الحبل المتين : ٢٥٤ ، والكاشاني في المفاتيح ١ : ١٥٢ ، وصاحب الحدائق ٨ : ٤٨٣ وحكاه عن الحرّ العاملي أيضا.
(٣) كالمرتضى والفاضل والسيّد السند في المدارك. منه رحمه الله. المرتضى في الناصريّات ( الجوامع الفقهية ) : ١٩٦ ، والفاضل المقداد في التنقيح ١ : ٢١٣ ، وهما ادّعيا الإجماع المركّب فالأول إجماع كلّ من جعل التكبير جزءا من الصلاة ، والثاني إجماع كلّ من جعل التسليم واجبا. وأما صاحب المدارك فهو ادّعى الإجماع على الملازمة بين وجوب التسليم وبطلان الصلاة بتخلّل المنافي بينه وبين التشهّد ( المدارك ٣ : ٤٣١ ).
(٤) انظر الوسائل ٦ : ٤٢٦ أبواب التسليم بـ ٤.