وفي المهذب والنكت دعوى الشهرة عليه (١) ـ في الدروس والرسالة الألفية واللمعة الدمشقية (٢) التي هي آخر مصنفاته ، وقوّاه في الذكرى أيضا ، وإن قال : إنه لا قائل به من القدماء ، وكيف يخفى عليهم مثله لو كان حقا (٣).
وقال بتعين الاولى للخروج ووجوبها يحيى بن سعيد في الجامع (٤).
لكنه ضعيف ، لما عرفت من الإجماعات على الخروج بالثانية ، وتأدّي الواجب بها ، وفي الذكرى : أنه خروج عن الإجماع من حيث لا يشعر قائله (٥).
أقول : ولولاه لأمكن القول بما قاله ، لظواهر ما مرّ من المستفيضة ، لكن معه لا يمكن القول به ، كما لا يمكن القول بتعيّن الاولى للخروج ووجوب الثانية ، كما عليه جماعة (٦) ، لما عرفت من أن بعد الخروج بها يتأدّى التحليل الذي لأجله وجب التسليم.
وأما الأخبار الآمرة بالثانية بعد الأولى فمحمولة على الاستحباب جدّا ، لعدم قائل بوجوبهما معا ، لذا قال الماتن :
( وبأيّهما بدأ كان الثاني مستحبا ) وهو حسن ، إلاّ أن ظاهره استحباب الاولى لو أتى بالثانية قبلها ، ولم يستفد هذا من الأدلة التي ذكرناها ، ومع ذلك مخالف للترتيب المعروف شرعا ، ولذا أنكره الشهيد رحمهالله فقال : إنه
__________________
(١) المهذب البارع ١ : ٣٨٨.
(٢) الدروس ١ : ١٨٣ ، الألفية : ٦٠ ، اللمعة ( الروضة البهية ١ ) : ٢٧٧.
(٣) الذكرى : ٢٠٨.
(٤) الجامع للشرائع : ٨٤.
(٥) الذكرى : ٢٠٨.
(٦) لم نعثر على من قال بتعيّن الاولى للخروج مع وجوب الثانية بعدها إلاّ ما يظهر من كلام صاحب البشرى المحكي في الذكرى : ٢٠٨ ، فقال : لا مانع أن يكون الخروج بالسلام علينا .. وان كان يجب السلام عليكم .. بعده. انتهى. نعم ، قال جماعة ـ منهم صاحب المدارك ٣ : ٤٣٦ ، وصاحب المفاتيح ١ : ١٥٢ ـ بالخروج بإحدى الصيغتين مع وجوب الثانية.