ظاهر المنافرة للمعنى المتقدم ولهذا ارتكبوا التأويل في صدر الخبر وبالنظر الى صدر الخبر الظاهر في تأخير الصلاة عن أول الزوال بحيث تقع الخطبة أو بعض منها بعد الزوال يعضد القول الأول ومن ثم ارتكبوا التأويل في بقية الخبر.
وكيف كان فهذه الرواية باعتبار ما هي عليه من هذا الإجمال وقبول الاحتمال لا تقوم بمعارضة ما قدمناه من الأدلة للقول الأول آية ورواية.
وما أجيب به عنها من جواز تقديم الأذان في صلاة الجمعة على الزوال يحتاج الى دليل قاطع لمخالفته لاتفاق الأصحاب والأخبار على انه لا يجوز الأذان قبل الوقت المحدود شرعا إلا في صلاة الصبح خاصة كما تقدم في بحث الأوقات (١) ولو كان الأذان في صلاة الجمعة كذلك كما يدعيه هذا القائل لكان اولى بالذكر من أذان صلاة الصبح الذي تكاثرت به الأخبار مع انه لم ترد به اشارة فضلا عن التصريح وبما ذكرنا يظهر لك قوة القول الأول مع تأيده بموافقة الاحتياط كما اعترف به أصحاب القول الثاني وجعلوه وجه الجمع بين الأخبار فحملوا ما دل على التأخير إلى الزوال على الأولوية. وفيه منع ظاهر فإنها صريحة في الوجوب آية ورواية.
وفي حملهم الأخبار المذكورة على الأولوية اعتراف منهم بأن الأذان فيها بعد الزوال ردا على ما تكلفه هذا الفاضل.
ولا يبعد عندي حمل هذه الرواية على التقية (٢) ومذهب العامة في المسألة
__________________
(١) ج ٧ ص ٣٩٤.
(٢) في البحر الرائق ج ٢ ص ١٥٦ «الصحيح في المذهب ان الأذان الذي يجب ترك البيع به بعد الزوال إذ الأذان قبله ليس بأذان» وفي عمدة القارئ ج ٣ ص ٢٧٩ «أجمع العلماء على ان وقت الجمعة بعد زوال الشمس الا ما روى عن مجاهد يجوز فعلها وقت صلاة العيد لأنها عيد. وقال أحمد تجوز قبل الزوال وقال الجرمي يجوز فعلها في الساعة السادسة» وفي البداية ج ١ ص ١٤٤ «الجمهور على ان وقت الجمعة وقت الظهر اعنى وقت الزوال وانها لا تجوز قبل الزوال ، وقال احمد تجوز قبل الزوال. واما الأذان فجمهور الفقهاء اتفقوا على ان وقته إذا جلس الامام على المنبر».