الشرائع وهو ما أشرنا إليه آنفا من أن المصنف صرح بالثاني في المقالة الآتية.
والسيد السند هنا بناء على اعتراضه على العبارة المتقدمة قال هنا ايضا بعد ذكره عبارة المصنف المذكورة : هذا بظاهره مناف لما سبق من أن من تلبس بالجمعة في الوقت يجب عليه إتمامها فإنه يقتضي بإطلاقه جواز الشروع فيها مع ضيق الوقت وأجيب عنه بان الشروع فيها انما يشرع إذا ظن ادراك جميعها. الى أن قال : ومن ثم ذهب جمع من الأصحاب إلى وجوب الدخول في الصلاة متى علم انه يدرك ركعة بعد الخطبتين لعموم «من أدرك.» بل صرح العلامة في النهاية بوجوب الدخول في الصلاة مع ادراك الخطبتين وتكبيرة الإحرام خاصة وهو بعيد. انتهى
أقول : قد قدمنا لك ان مراد المصنف بالعبارة الأولى انما هو من دخل في الصلاة بناء على سعة الوقت يقينا أو ظنا ، وهذه العبارة صريحها كما ترى انما هو من علم أو ظن قبل الدخول ضيق الوقت عن الجمعة فإنه تجب عليه الصلاة ظهرا ، فموضوع تلك المسألة غير موضوع هذه المسألة ، ويشير الى ذلك كلامه في المعتبر الذي ذكره الشارح في المسألة المتقدمة ، وصورته بتمامه هكذا : قال الشيخ إذا انعقدت الجمعة فخرج وقتها ولم يتم أتمها جمعة وبه قال مالك ، وقال الشافعي بقاء الوقت شرط فإذا خرج أتمها ظهرا ، وقال أبو حنيفة تبطل (١) لنا ـ ان الوجوب تحقق باستكمال الشرائط فيجب إتمامها. انتهى. فان هذا الخلاف انما يترتب على من تبين له ضيق الوقت بعد الدخول بناء على ما سعته لا من علم بضيقه أولا ثم دخل والحال هذه ، فدعوى الشارح منافاة هذا الكلام لما سبق ـ وان إطلاق عبارته الاولى يقتضي جواز الشروع فيه مع يقينه ضيق الوقت ـ ليس في محله. وكيف كان فحمل كلامه على ما يندفع به التنافي في عبارتيه أولى وأظهر سيما مع كونه وجها واضحا صحيحا.
بقي الكلام في ما ذكره المصنف في هذه المقالة ـ من انه لو تيقن أو ظن عدم سعة الوقت فإنه لا يشرع له الجمعة بل يجب أن يصلى ظهرا ، وما أورده
__________________
(١) المغني ج ٢ ص ٣١٨ والمدونة ج ٢ ص ١٤٩.