وبالجملة فإن كلام السيد (قدسسره) وإيراده ما ذكره على تحريم السفر مطلقا خلاف ما صرح به غيره كما سمعت من كلام جده ، فإنهم إنما أوردوا ذلك على من جوز السفر إذا كان بين يدي المسافر جمعة يدركها قبل فوات الوقت كما هو ظاهر سوق الكلام المذكور.
هذا وقد أجاب الفاضل الخراساني في الذخيرة عن الإيراد المذكور بانا لا نسلم ان علة حرمة السفر استلزام السفر للفوات ولا ان علتها حصول الفوات في الواقع أو على تقدير السفر بل علة حرمة السفر استلزام جوازه لجواز تفويت الواجب وجواز تفويت الواجب منتف فيكون ملزومه وهو جواز السفر منتفيا فحرمة السفر ليست مستلزمة لانتفاء العلة المقتضية لحرمته. انتهى.
وكلامه هذا متجه على تقدير ما اختاره في مسألة استلزام الأمر بالشيء النهي عن ضده الخاص من القول بذلك ، اما على ما اخترناه وهو اختيار جملة من المحققين : منهم ـ شيخنا الشهيد الثاني وسبطه صاحب المدارك وغيرهما فلا وجه له
وبالجملة فإن المسألة خالية من النص الصريح في ذلك والركون الى التعليلات العقلية قد عرفت ما فيه في غير موضع مما تقدم.
نعم يمكن الاستدلال على ذلك بفحوى قوله تعالى «وَذَرُوا الْبَيْعَ» (١) والتقريب ان الظاهر ان النهى عن البيع انما وقع لمنافاته السعي إلى الجمعة كما يشعر به التعليل المستفاد من قوله سبحانه «ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ» (٢) فيكون السفر المنافي كذلك ايضا.
ويعضد ذلك ما رواه الصدوق في الصحيح عن ابى بصير عن ابى عبد الله (عليهالسلام) (٣) قال : «إذا أردت الشخوص في يوم عيد فانفجر الصبح وأنت في البلد فلا تخرج حتى تشهد ذلك العيد». وإذا حرم السفر الموجب لتفويت صلاة العيد
__________________
(١ و ٢) سورة الجمعة الآية ٩.
(٣) الوسائل الباب ٣٧ من صلاة العيد.