واستدل عليه في التذكرة بقوله (صلىاللهعليهوآله) (١) «من سافر من دار إقامته يوم الجمعة دعت عليه الملائكة لا يصحب في سفره ولا يعان على حاجته». قال : والوعيد لا يترتب على المباح.
أقول : لا يخفى على من راجع الأخبار ما وقع لهم (عليهمالسلام) من التأكيد في المكروهات بما يكاد يلحقها بالمحرمات وفي المستحبات بما يكاد يدخلها في حيز الواجبات ، هذا مع تسليم ثبوت الخبر المذكور.
ثم انهم استدلوا على ذلك أيضا بأن ذمته مشغولة بالفرض والسفر مستلزم للإخلال به فلا يكون سائغا.
وفيه ان صحة هذا الدليل مبنية على ان الأمر بالشيء يستلزم النهى عن ضده الخاص وهو مما لم يقم عليه دليل بل الأدلة على خلافه واضحة السبيل كما أوضحناه في بعض المباحث المتقدمة.
وأورد عليه ايضا انه على هذا التقدير يلزم من تحريم السفر عدم تحريمه وكل ما أدى وجوده الى عدمه فهو باطل ، أما الملازمة فلانه لا مقتضى لتحريم السفر إلا استلزامه لفوات الجمعة كما هو المفروض ، ومتى حرم السفر لم تسقط الجمعة كما تقدم فلا يحرم السفر لانتفاء المقتضى ، واما بطلان اللازم فظاهر. كذا ذكره في المدارك.
وفيه ان هذا الإيراد مختص بصورة إمكان الجمعة في الطريق كما ذكره جده في كتاب الروض لا تحريم السفر مطلقا كما ذكره حيث قال في الروض : ولا فرق في التحريم بين أن يكون بين يديه جمعة اخرى يمكن إدراكها في الوقت وعدمه لإطلاق النهي مع احتمال عدم التحريم في الأول لحصول الغرض. ويضعف بان السفر ان ساغ أوجب القصر فتسقط الجمعة حينئذ فيؤدي إلى سقوطها فيحرم فلا تسقط عنه فيؤدى التحريم الى عدمه وهو دور. انتهى.
__________________
(١) المغني ج ١ ص ٣٦٢.