ولا أيام التابعين وانما هو شيء أحدثه شريك بن عبد الله القاضي (١) ولو كان شرطا لما أجمع أهل الأمصار على تركه. انتهى.
أقول : وممن انتصر لهذا القول وبلغ في ترجيحه الغاية الشهيد الثاني في المسالك وتبعه فيه جملة ممن تأخر عنه سيما سبطه السيد السند في المدارك والمحدث الكاشاني والفاضل الخراساني صاحب الذخيرة والكفاية.
أقول : وهذا القول وما قبله وقعا على طرفي الإفراط والتفريط في المقام لأن العدالة بالمعنى الأول لا تكاد توجد إلا في المعصوم أو من قرب من مرتبته كما لا يخفى على ذوي الأفهام ، مع انه لا يمكن الاطلاع عليها إلا بعد مدة مديدة ومخالطة أكيدة وتعمق شديد ولربما لا يتيسر ذلك وبه تنسد أبواب الأمور المشروطة بالعدالة مثل الجمعات والجماعات والفتاوى والشهادات ، واما العدالة بالمعنى الثاني فقد انجر الأمر فيها إلى إثباتها للمخالفين وأعداء الدين والنصاب الذين هم أشد نجاسة من الكلاب كما وردت به الرواية عن أهل بيت النبوة الأطياب (٢) وسيظهر ذلك في ما يأتي قريبا ان شاء الله تعالى في المقام.
وقال شيخنا المشار إليه في كتاب المسالك : إذا شهد عند الحاكم شهود فان عرف فسقهم فلا خلاف في رد شهادتهم من غير احتياج الى بحث وان عرف عدالتهم قبل شهادتهم ولا حاجة الى التعديل وان لم يعرف حالهم في الفسق والعدالة فان لم يعرف إسلامهم وجب البحث ايضا وهذا كله مما لا خلاف فيه ، وان عرف إسلامهم ولم يعرف شيئا آخر من جرح ولا تعديل فهذا مما اختلف فيه الأصحاب والمشهور بينهم خصوصا المتأخرين منهم انه يجب البحث عن عدالتهم ولا يجوز
__________________
(١) ذكر صاحب الوسائل في عنوان الباب ٦ من أبواب كيفية الحكم ان الحاكم إذا اشتبه عليه عدالة الشهود وفسقهم سأل عنهم حتى يعرفهم وذكر في الباب حديثا عن تفسير الإمام العسكري (ع) يتضمن ان رسول الله (ص) كان يبحث عن عدالة الشهود إذا لم يعرفهم.
(٢) ج ٥ ص ١٨٧.