لك ان شاء الله تعالى من الأخبار ـ عبارة عن أمر وجودي وصفة ثبوتية ولا سيما صحيح ابن ابى يعفور فإنه ظاهر في ذلك غاية الظهور لا مجرد أمر عدمي ، فإذا قيل «فلان عدل أو ذو عدالة» فإنما يراد به ان له أوصافا وجودية توجب صدق هذا العنوان عليه وهو كونه معروفا بالصلاح والتقوى والعفاف ونحو ذلك.
ويؤيد ما ذكرناه ما روى في تفسير الإمام العسكري (عليهالسلام) بسنده عن النبي (صلىاللهعليهوآله) (١) قال في قوله تعالى (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) (٢) قال «ليكونا من المسلمين منكم فان الله تعالى انما شرف المسلمين العدول بقبول شهاداتهم وجعل ذلك من الشرف العاجل لهم ومن ثواب دنياهم».
وعن أمير المؤمنين (عليهالسلام) (٣) في قوله عزوجل (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ) (٤) قال : «ممن ترضون دينه وأمانته وصلاحه وعفته وتيقظه في ما يشهد به وتحصيله وتمييزه فما كل صالح مميز ولا كل محصل مميز».
وبالجملة فإطلاق العدالة على مجرد عدم ظهور الفسق أمر لا يفهم من حاق اللفظ ولا يتبادر الى فهم فاهم بالكلية فالحمل عليه انما هو من قبيل المعميات والألغاز الذي هو بعيد بمراحل عن الحقيقة بل المجاز ، ولو قامت هذه التأويلات السخيفة البعيدة في مقابلة الظواهر المتبادرة إلى الأفهام لم يبق دليل على حكم من الأحكام من أصول وفروع إذ لا لفظ إلا وهو قابل للاحتمال ولا قول إلا وللقائل فيه مجال ، فبما ذا يقيمون الحجج على المخالفين في الإمامة بل منكري التوحيد والنبوة إذا قامت مثل هذه التأويلات الغثة وعورض بها ما يتبادر من الأدلة؟
و (ثالثا) ان ما طعن به على الرواية المذكورة بضعف السند مردود ـ بناء على صحة هذا الاصطلاح ـ بأنه وان كان السند كذلك في التهذيب إلا ان الرواية المذكورة في الفقيه (٥) صحيحة وهي صريحة في رد ما ذهب اليه فتكون
__________________
(١ و ٣) الوسائل الباب ٤١ من الشهادات.
(٢ و ٤) سورة البقرة الآية ٢٨٢.
(٥) ستأتي ص ١٥.