هو ما ذكره ابن الجنيد.
وتوضيحه ان صحيحة الحلبي وان دلت بإطلاقها على السقوط عن كل من حضر العيد من أهل المصر وغيرهم من أهل القرى إلا ان الروايات الأخر قد خصت الرخصة بالنائي من أهل القرى ، فيجب حمل إطلاق الصحيحة المذكورة على ما فصلته هذه الروايات حمل المطلق على المقيد كما هو القاعدة المسلمة بينهم. وأما قوله في المدارك ـ في منع دلالة الروايتين المذكورتين في كلامه : ان اذن الإمام للنائي في عدم الحضور لا يقتضي وجوب الحضور على غيره ـ فهو مغالطة لأن أحدا لا يدعى ذلك وانما الوجه في ذلك هو ان الأدلة من الكتاب والسنة قد دلت على وجوب الجمعة فسقوطها يحتاج الى دليل ، والروايات هنا مع صحتها كما هو المفروض قد دل بعضها على السقوط مطلقا وبعضها على تخصيص السقوط بالنائي ، ومقتضى الجمع حمل مطلقها على مقيدها وبها حينئذ يخص عموم الكتاب والسنة ، واللازم من ذلك هو ما قلناه من تخصيص الرخصة بالنائي خاصة.
وبذلك يظهر لك ضعف قول من ذهب الى السقوط مطلقا كما هو القول الأول لما فيه من اطراح هذه الأخبار مع إمكان الجمع بينها وبين الصحيحة المذكورة بما ذكرناه ، وضعف قول من ذهب الى الوجوب مطلقا كما هو قول ابى الصلاح ومن معه لما ذكرنا من تخصيص تلك الأدلة بهذه الأخبار بعد جمعها على ذلك الوجه الواضح المنار
وأما ما ذكره في الذكرى ـ من ان البعد والقرب من الأمور الإضافية فيصدق القاصي على من بعد بأدنى بعد فيدخل الجميع إلا من كان مجاورا للمسجد ، وجعل هذا وجه جمع بين الأخبار ومن ثم قال بالقول الأول مع ما ذكره من الاعتماد على روايتي إسحاق وسلمة ـ فبعده أظهر من أن يخفى ، إذ المتبادر عرفا من القاصي هنا انما هو من كان خارجا عن المصر وهم أصحاب القرى الخارجة كما صرح به صاحب كتاب الدعائم ، وهذا هو المعنى الذي فهمه عامة الأصحاب لأنه هو المتبادر المنساق الى الفهم في هذا الباب ، وقد اعترف هو نفسه بذلك ايضا فقال بعد ذكر