والأولى ان يقال فيه روايتان أشهرهما بين الأصحاب ما اختاره الشيخ. قال في المدارك بعد نقل ذلك : وهو حسن. أقول ـ وبالله سبحانه التوفيق الى هدايته سواء الطريق ـ ما ذكره هذان الفاضلان محل نظر عندي من وجوه :
الأول ـ انه لا يخفى على من تأمل كتاب من لا يحضره الفقيه ونظره ولاحظه بعين التدبر والتفكر انه لم يبق مصنفه على هذه القاعدة التي ذكرها في صدر كتابه (١) أو انه أراد بها معنى غير ما يتسارع اليه فهم الناظر فيها ، حيث انه أورد في الكتاب جملا من الأخبار الظاهرة التناقض من غير تعرض للجمع بينها وجملا من الاخبار الشاذة النادرة الظاهرة في الموافقة للعامة وجملا من الاخبار المخالفة لما عليه كافة علماء الفرقة سلفا وخلفا ، مثل خبر الوضوء والغسل بماء الورد (٢) وخبر نقض الطهارة بمجرد مس الذكر (٣) وخبر طهارة جلد الميتة (٤) وأمثال ذلك مما مر بنا حال قراءة
__________________
(١) ج ١ ص ٦.
(٢) الوسائل الباب ٣ من الماء المضاف عن الكليني ورواها الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٦٢ عن الكليني وكذا في الاستبصار ج ١ ص ١٤ والصدوق لم يورد ذلك في الفقيه بنحو الرواية وانما ذكره ج ١ ص ٦ بنحو الفتوى. هذا على تقدير ان تكون العبارة ـ كما نقلها المصنف (قدسسره) ج ١ ص ٣٩٤ ـ هكذا «ولا بأس بالوضوء والغسل من الجنابة والاستياك بماء الورد» واما على تقدير أن تكون العبارة ـ كما هي في الفقيه ـ هكذا «ولا بأس بالوضوء منه والغسل من الجنابة والاستياك بماء الورد» فلا دلالة لها على جواز الوضوء والغسل بماء الورد أصلا وانما تتعرض للاستياك بماء الورد فقط إذ هي واردة عقيب خبر بلوغ الماء القلتين وانه لا ينجسه شيء فهي ناظرة إلى جواز الوضوء والغسل من الماء البالغ قلتين وضمير «منه» راجع إليه.
(٣) الوسائل الباب ٩ من نواقض الوضوء عن الشيخ ولم يورده في الفقيه بنحو الرواية وانما ذكره ج ١ ص ٣٩ بنحو الفتوى.
(٤) الوسائل الباب ٣٤ من النجاسات.