في صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم (١) «وان فرغت قبل أن ينجلي فاقعد وادع الله حتى ينجلي». وقد يقال ان الجمع بين الروايات يقتضي القول بوجوب الإعادة والدعاء تخييرا إلا انى لا اعلم به قائلا. انتهى. وتبعه في الذخيرة في هذا المقام.
وأنت خبير بان ظاهر كلام الصدوق في الفقيه هو القول بالوجوب فيهما تخييرا حيث قال : وإذا فرغ الرجل من صلاة الكسوف ولم تكن انجلت فليعد الصلاة وان شاء قعد ومجد الله تعالى حتى ينجلي. انتهى.
ثم انه لا يخفى عليك ما في استدلاله بصحيحة معاوية بن عمار على الاستحباب وان كان قد جرى على هذه الطريقة في غير باب ، فإن الرواية قد تضمنت الأمر بالإعادة وهو حقيقة في الوجوب كما صرح به في غير موضع من هذا الكتاب فكيف تكون دالة على الاستحباب؟ وكان الأولى في التعبير ان يجعل مستند الاستحباب الجمع بين الروايتين المذكورتين.
وزاد في الذخيرة بعد اختيار الاستحباب كما ذكره في المدارك التأييد بموثقة عمار الساباطي عن ابى عبد الله (عليهالسلام) (٢) قال : «ان صليت الكسوف الى ان يذهب الكسوف عن الشمس والقمر وتطول في صلاتك فان ذلك أفضل ، وان أحببت أن تصلى فتفرغ من صلاتك قبل أن يذهب الكسوف فهو جائز».
وأنت خبير بأن غاية ما تدل عليه الرواية هو إطلاق جواز الفراغ قبل الانجلاء ، ولا ينافيه وجوب الإعادة أو الجلوس حتى يحصل تمام الانجلاء حسبما دلت عليه الأخبار المتقدمة.
وبالجملة فعبارة كتاب الفقه صريحة في الوجوب تخييرا والظاهر انها مستند الصدوق كما عرفت في غير مقام ، ورواية كتاب الدعائم المروية عن على (عليهالسلام) ايضا ظاهرة في وجوب الجلوس ، والصحيحتان الآخرتان (٣) لا وجه للجمع بينهما إلا بما
__________________
(١) ص ٣٢٦.
(٢) الوسائل الباب ٨ من صلاة الكسوف.
(٣) ص ٣٣٤.