فكيف يجوز ذلك مطلقا كما ادعوه؟ وبذلك يظهر ان ما ذكروه لا يخلو من غفلة عن إعطاء التأمل حقه في ملاحظة الأدلة.
و (أما ثالثا) فان شيخنا الشهيد قد خالف قوله وناقض نفسه في ما قدمنا نقله عنه مما ظاهره دعوى الإجماع عليه كما أشرنا إليه آنفا في باب الجماعة بما ذكره هنا في صلاة الآيات ، حيث صرح بالمنع من الدخول تبعا للفاضلين كما قدمنا ذكره في الصورة المفروضة حذرا من لزوم التخلف عن الامام بركن أو أكثر ، فقال بعد ذكر صورة المسألة ما ملخصه : فان قلنا بالمتابعة فالأصح عدم سلامة الاقتداء لاستلزامه محذورين اما التخلف عن الإمام أو تحمل الامام الركوع ، لأنه ان اتى بما بقي عليه قبل أن يسجد مع الامام لزم المحذور الأول ، وان رفض الركوعات وسجد بسجود الامام لزم الثاني. الى ان قال (فان قيل) لم لا يأتي المأموم بما بقي عليه ثم يسجد ثم يلحق الإمام في ما بقي من الركوعات؟ وليس في هذا الا تخلف عن الامام لعارض وهو غير قادح في الاقتداء لما سيأتي (قلنا) ان من قال ان التخلف عن الامام يقدح فيه فوات الركن فعلى مذهبه لا يتم هذا ومن اغتفر ذلك فإنما يكون عند الضرورة كالمزاحمة ولا ضرورة هنا فحينئذ يستأنف المأموم النية. إلى آخر كلامه
فانظر الى صراحته في المخالفة لما قدمنا نقله عنه من كلامه في باب الجماعة الدال على جواز التخلف بركن أو أكثر وان كان لا لعذر ، وقوله هنا ان التخلف بركن منحصر في قولين اما الجواز مع الضرورة أو البطلان.
وأشار بالمزاحمة الى ما ورد في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن ابى الحسن (١) «في رجل صلى في جماعة يوم الجمعة فلما ركع الإمام ألجأه الناس الى جدار أو أسطوانة فلم يقدر على أن يركع ولا أن يسجد حتى رفع القوم رؤوسهم أيركع ثم يسجد ثم
__________________
(١) الوسائل الباب ١٧ من صلاة الجمعة. واللفظ في الفقيه ج ١ ص ٢٧٠ هكذا «أيركع ثم يسجد ويلحق بالصف وقد قام القوم أم كيف يصنع؟ فقال يركع ويسجد ثم يقوم في الصف ولا بأس بذلك».