الله تعالى والأخذ بما وافقه ورمى ما خالفه ، ولا ريب ان الروايات المتقدمة موافقة للآية في اشتراط العدالة التي هي أمر زائد على مجرد الإسلام كما تقدم إيضاحه ، وهذان الخبران على خلاف ما دلت عليه الآية فيجب طرحهما وردهما إلى قائلهما بمقتضى القاعدة المذكورة.
و (ثانيا) ـ بالحمل على التقية التي هي في الأحكام الشرعية أصل كل بلية ، ويعضده ما ذكره بعض أصحابنا من أن بعض العامة يذهب الى ان الأصل في المسلم العدالة (١) ويعضده ايضا ما ذكره الشيخ في الخلاف من ان البحث عن عدالة الشهود ما كان في أيام النبي (صلىاللهعليهوآله) ولا أيام الصحابة ولا أيام التابعين وانما هو شيء أحدثه شريك بن عبد الله القاضي (٢) ولو كان شرطا لما أجمع أهل الأمصار على تركه. فإنه دال بأوضح دلالة على ان قضاة العامة من وقت الصحابة إلى وقت شريك المذكور كانوا على الحكم بالعدالة بمجرد الإسلام ، ومن الظاهر ان القضاء والحكم بعد موت النبي (صلىاللهعليهوآله) إنما كان في أيديهم ومتى ثبت ذلك اتجه حمل ما دل من
__________________
(١) في المغني ج ٩ ص ٦٤ في مسألة قبول شهادة مجهول الحال عن احمد ان ظاهر المسلمين العدالة فيحكم بشهادتهما إذا عرفت إسلامهما بظاهر الحال ، وقال عمر : المسلمون عدول بعضهم على بعض. ثم ذكر ان أعرابيا جاء إلى النبي «ص» فشهد برؤية الهلال فقال له النبي «ص» أتشهد ان لا إله إلا الله؟ فقال نعم. فقال أتشهد انى رسول الله؟ قال نعم فصام وأمر الناس بالصيام. ثم اختار ابن قدامة كون العدالة شرطا فيجب البحث عنها وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد. وفي بدائع الصنائع ج ٦ ص ٢٧٠ ان أبا حنيفة يعتبر العدالة الظاهرة لا الحقيقية ودليله قوله تعالى «وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً» اى عدلا فوصف سبحانه مؤمني هذه الأمة بالوساطة وهي العدالة وقال عمر «عدول بعضهم على بعض» فصارت العدالة أصلا في المؤمنين وزوالها بعارض. وفي البحر الرائق ج ٧ ص ٦٩ عن أبي حنيفة يقتصر الحاكم على ظاهر العدالة في المسلم ولا يسأل حتى يطعن الخصم لقوله «ص» الناس عدول بعضهم على بعض.
(٢) ارجع الى التعليقة ٣ ص ١٨ و ١ ص ١٩.