ما ذكره في الفقيه بعدها ايضا حيث قال (عليهالسلام) : ولا تصل على الجنازة بنعل حذو ولا تجعل ميتين على جنازة واحدة. الى آخره.
قيل أراد (عليهالسلام) بالنعل الانتعال وهو لبس النعل ، وفي الصحاح : نعلت وتنعلت إذا احتذيت. وإضافته إلى الحذو لعله بمعنى الحذاء للتوضيح. وقيل يحتمل أن يكون مرادهم بنعل الحذو والحذاء غير العربية من النعال الهندية والعجمية الساترة لظهر القدم أو أكثره بغير ساق.
وقال الصدوق في المقنع على ما نقله في الذكرى : وروى انه لا يجوز للرجل أن يصلى على الجنازة بنعل حذو ، وكان محمد بن الحسن يقول : كيف تجوز صلاة الفريضة ولا تجوز صلاة الجنازة. وكان يقول لا نعرف النهى عن ذلك إلا من رواية محمد بن موسى الهمداني (١) وكان كذابا ، وقال الصدوق : وصدق في ذلك إلا انى لا اعرف عن غيره رخصة واعرف النهى وان كان من غير ثقة ولا يرد الخبر بغير خبر معارض. قال في الذكرى بعد نقل ذلك : قلت : وروى الكليني عن عدة عن سهل ابن زياد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة ما قلناه (٢) وهذا طريق غير طريق الهمداني إلا ان يفرق بين الحذاء ونعل الحذو. انتهى.
أقول : لا يخفى ان ظاهر كلام الصدوق في عدوله عن مذهب شيخه هنا ان الخبر وان كان ضعيفا عنده فإنه يعمل به إذا لم يكن معارض أقوى وأما مع وجود المعارض الأقوى فإنه يطرح ولا يجب تحصيل وجه يحمل عليه ، وهو خلاف ما عليه ظاهر الأصحاب قديما وحديثا ، فان الظاهر من كلامهم ـ كما دلت عليه الآية والرواية (٣) ـ ان خبر الفاسق من كذاب وغيره لا يثبت به حكم شرعي فكيف
__________________
(١) الرواية المشار إليها لم نقف عليها في كتب الحديث. والعبارة المنقولة عن المقنع لم نجدها في المقنع المطبوع في مظانها.
(٢) ص ٤٣٠.
(٣) اما الآية فقوله تعالى في سورة الحجرات الآية ٦ «إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا» واما الرواية فيمكن أن يستفاد ذلك من ما ورد في الباب ١١ من صفات القاضي وما يجوز