أقول : يمكن تطرق النظر الى ما ذكره بان يقال (أولا) ان ما ذكره من هذه الأدلة معارض بما سيأتي ان شاء الله تعالى في أدلة القول الآخر مما هو أوضح دلالة.
و (ثانيا) انه يمكن ان يقال ان احتقار الذنب واستصغاره أمر زائد على أصل الذنب فلعله بانضمام ذلك الى أصل الذنب يكون كبيرة ، ويؤيده ما يظهر من كلام أهل اللغة ، قال الجوهري «أصررت على الشيء أي أقمت ودمت» وقال ابن الأثير : «أصر على الشيء إصرارا إذا لزمه وداومه وثبت عليه» وفي القاموس «أصر على الأمر لزمه» فان ظاهر هذا الكلام ان الإصرار عبارة عن العزم على المعاودة والمداومة على ذلك الذنب.
وقال شيخنا الشهيد في قواعده على ما نقله بعض الأصحاب بعد تقسيمه الإصرار إلى فعلى وحكمي : الفعلي هو الدوام على نوع واحد من الصغائر بلا توبة أو الإكثار من جنسها بلا توبة والحكمي هو العزم على تلك الصغيرة بعد الفراغ منها ، اما لو فعل الصغيرة ولم يخطر بباله بعدها توبة ولا عزم على فعلها فالظاهر انه غير مصر. انتهى. وهو ظاهر فيما قلناه وواضح في ما ادعيناه.
إلا انه قد روى في الكافي عن جابر عن ابى جعفر (عليهالسلام) (١) «في قول الله تعالى (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٢) قال الإصرار أن يذنب الذنب فلا يستغفر الله ولا يحدث نفسه بتوبة فذلك الإصرار».
فإن ظاهره ان الإصرار يتحقق بالذنب مع عدم التوبة والاستغفار وهو ظاهر في ان من لا يخطر بباله بعد الذنب توبة ولا عزم على فعلها يكون مصرا ، وحينئذ تكون كبيرة بمقتضى الأخبار الدالة على انه لا صغيرة مع الإصرار (٣) ويكون دليلا ظاهرا لهذا القول.
__________________
(١ و ٣) الوسائل الباب ٤٧ من جهاد النفس.
(٢) سورة آل عمران الآية ١٢٩.