وتخليتها من الرذائل أحد أفراد العلوم بل هو أصلها وأساسها الذي عليه مدارها بل هو رأسها وهو الممدوح في الآيات والأخبار بقوله تعالى «إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ» (١) وقوله «فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ). الآية» (٢) فإن الخشية والإنذار إنما يترتب على علوم الآخرة لا هذه العلوم الرسمية وكذلك الاخبار ، وقد عرفت من الأخبار وكلام جملة من علمائنا الأبرار ان من العلماء من هو خال من تلك العلوم أو متصف بأضدادها مع تلبسه بلباس العلماء الأبرار وإظهار الخشوع والخضوع والانكسار وقد دلت الأخبار على الحث والتأكيد على المنع عن الركون الى هؤلاء والانخداع بما يظهرونه والاغترار فالواجب حينئذ هو البحث والفحص عن أحوال العلماء والتمييز بين الفسقة منهم والأبرار كما نص عليه الخبر المشار اليه وغيره من الأخبار الجارية في هذا المضمار. وأيضا فإنه لا تتحقق نيابة هذا العالم وصحة تقليده ووجوب متابعته إلا بوجود شروطها ومن جملتها العلم باتصافه بتلك الصفات الجليلة والتخلي من كل منقصة ورذيلة
والأخبار التي دلت على الاكتفاء في العدالة بحسن الظاهر كما هو الأظهر أو الإسلام إنما موردها الشاهد والامام ولا دلالة فيها على التعرض للنائب عنهم (عليهمالسلام) الذي هو محل البحث في المقام ، وحينئذ فلا معارض لهذا الخبر وأمثاله في ما ادعيناه ولا مناقض له في ما قلناه.
وبذلك يظهر لك ما في كلام ذينك الفاضلين من القصور لعدم اعطائهما التأمل حقه في الأخبار وما أطال ذلك الشيخ الصالح بعد نقل كلام أستاذه من المعارضة بصحيحة عبد الله بن ابى يعفور ونحوها وطعنه في الخبر المذكور بالشذوذ مع ما عرفت من تأيده بالأخبار الواضحة المنار وكلام جملة من علمائنا الأبرار.
ومن أراد الوقوف على صحة ما ذكرناه زيادة على ما رسمناه في هذا الكتاب فليرجع الى كتابنا الدرر النجفية (٣) فإنه قد أحاط بأطراف الكلام بإبرام النقض ونقض
__________________
(١) سورة الفاطر الآية ٢٥.
(٢) سورة التوبة الآية ١٢٣.
(٣) سيأتي في الاستدراكات ما يتعلق بالمقام ان شاء الله تعالى.