التوقف في المقام حيث قال : ولو نواها ـ يعني الإمامة ـ وعد نفسه من أحد الشاهدين وكان تائبا عن المعاصي جاز له ذلك اما لو كان مصرا على المعاصي مرتكبا للكبائر فإشكال وللأصحاب فيه قولان : أحدهما الجواز لان المدار انما هو على اعتقاد المؤتم أو المطلق وبناء الأمور على الظاهر دون الباطن ، ومن حيث انه إغراء بالقبيح لأنه عالم بفسق نفسه فكيف يتقلد ما ليس له خصوصا في الجماعة الواجبة كالجمعة. والأحكام الشرعية انما جرت على الظاهر إذا لم يكن الاطلاع على الباطن وهو مطلع على حقيقة الأمر. والأول أوفق بالقواعد الأصولية إلا انه لما لم يكن نص في المسألة واعتقادنا ان لا مناط في الأحكام الشرعية سواه وجب الوقوف عن الحكم والعمل بالاحتياط في العلم والعمل ورد ما لم يأتنا به علم من أهل العصمة (عليهمالسلام) لقول الصادق (عليهالسلام) (١) «ارجه حتى تلقى إمامك فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات». انتهى.
أقول ـ وبالله سبحانه الاستعانة ومنه التوفيق لبلوغ كل مأمول ـ لا يخفى ان ما ذكروه (قدس الله أسرارهم) من جواز تقلد العالم بفسق نفسه للأمور المشروطة بالعدالة وان كان مما يتراءى في بادئ النظر صحته بناء على ما ذكره المحدث المذكور من ان المدار في الصحة والبطلان انما هو على اعتقاد المؤتم أو المطلق وان الأمور انما بنيت على الظاهر ، ويؤيده أيضا تحريم أو كراهة إظهار الإنسان عيوب نفسه للناس ووجوب أو استحباب سترها ووجوب ستر غيره عليه لو اطلع على معصية منه ، إلا ان الذي ظهر لي من التأمل في المقام ومراجعة أخبارهم (عليهمالسلام) خلاف ذلك وتوضيح ذلك ان ظاهر الآية (٢) والأخبار الدالة على النهى عن قبول خبر الفاسق (٣) والنهى عن الصلاة خلفه (٤) انما هو من حيث الفسق لان التعليق على
__________________
(١) في مقبولة عمر بن حنظلة الواردة في الوسائل الباب ٩ من صفات القاضي.
(٢) قوله تعالى «إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ ...» في سورة الحجرات الآية ٦.
(٣) الوسائل الباب ٣٠ من الشهادات.
(٤) الوسائل الباب ١١ من صلاة الجماعة.