حصل لهم وأنهم (١) عليه في الحال. وهو أبلغ من تجريد ذلك الفعل (٢).
والعامة على «أفلح» مفتوح الهمزة والحاء (٣) فعلا ماضيا مبنيا للفاعل ، وورش على قاعدته من نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها وحذفها (٤). وعن حمزة في الوقف خلاف ، فروي عنه كورش وكالجماعة (٥). وقال أبو البقاء : من ألقى حركة الهمزة على الدال وحذفها فعلّته أنّ الهمزة بعد حذف حركتها صيّرت ألفا ، ثم حذفت لسكونها (وسكون الدال قبلها في الأصل ولا يعتدّ بحركة الدال لأنها عارضة (٦). وفي كلامه نظر من وجهين :
أحدهما : أنّ اللغة الفصيحة في النقل حذف الهمزة من الأصل فيقولون : المرة والكمة في المرأة والكمأة ، واللغة الضعيفة فيه إبقاؤها وتدبيرها بحركة ما قبلها ، فيقولون : المراة والكماة بمدة بدل الهمزة ك (راس وفاس) فيمن خففها ، فقوله : صيّرت ألفا. ارتكاب لأضعف اللغتين (٧).
الثاني : أنه وإن سلم أنها صيّرت ألفا فلا نسلّم أنّ حذفها) (٨) لسكونها وسكون الدال في الأصل بعد حذفها لساكن محقق في اللفظ ، وهو الفاء من «أفلح» ، ومتى وجد سبب ظاهر أحيل (٩) الحكم عليه دون السبب المقدر. وقرأ طلحة بن مصرّف وعمرو بن عبيد «أفلح» مبنيا للمفعول (١٠) ، أي : دخلوا في الفلاح فيحتمل أن يكون من أفلح متعديا ، يقال : أفلحه ،
__________________
ـ حلفت لها بالله حلفة فاجر |
|
لناموا ، فما إن من حديث ولا صالي |
والظاهر في الآية والبيت عكس ما قال ، إذا المراد في الآية : لقد فضلك الله علينا بالصبر وسيرة المحسنين ، وذلك محكوم له به في الأزل ، وهو متصف به مذ عقل ، والمراد في البيت أنهم ناموا قبل مجيئه.
د ـ دخول لام الابتداء في نحو : إن زيدا لقد قام ، وذلك لأن الأصل دخولها على الاسم وإنما دخلت على المضارع لشبهه بالاسم ، فإذا قرب الماضي من الحال أشبه المضارع الذي هو شبيه بالاسم فجاز دخولها عليه. معاني الحروف (٩٨) ، شرح المفصل ٨ / ١٤٧ ، المغني ١ / ١٧٢ ـ ١٧٤ ، الهمع ٢ / ٧٣.
(١) في الأصل : وإنه.
(٢) البغوي : ٦ / ٣.
(٣) في الأصل : الهاء. وهو تحريف.
(٤) الإتحاف ٥٩ ، ٣١٧. وذلك أن ورشا اختص بنقل حركة همزة القطع إلى الحرف الساكن الملاصق لها من آخر الكلمة التي قبلها ، فيتحرك الساكن بحركة الهمزة وتسقط الهمزة بشرط أن يكون الساكن غير حرف مد سواء كان تنوينا ، أو لام تعريف أو غير ذلك أصليا أو زائدا.
(٥) الإتحاف ٦١ ، ٣١٧.
(٦) التبيان ٢ / ٩٥٠ ، وانظر في ذلك أيضا مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٠٢ والبيان ٢ / ١٨٠.
(٧) قال سيبويه : (واعلم أن كل همزة متحركة كان قبلها حرف ساكن فأردت أن تخفف حذفتها وألقيت حركتها على الساكن الذي قبلها. وذلك قولك : من بوك ، ومن مك وكم بلك ، إذا أردت أن تخفف الهمزة في الأب والأم والإبل. ومثل ذلك قولك : الحمر إذا أردت أن تخفف ألف الأحمر. ومثله قولك في المرأة : المرة والكماة : الكمة. وقد قالوا : الكماة المراة ومثله قليل) الكتاب ٣ / ٥٤٥.
(٨) ما بين القوسين سقط من ب.
(٩) في ب : اختل.
(١٠) المختصر (٩٧) تفسير ابن عطية ١٠ / ٣٣٠ ، البحر المحيط ٦ / ٣٩٥.