روى ابن شهاب قال : قيل لعيسى ابن مريم ـ عليهالسلام (١) ـ أحي حام بن نوح ـ فقال : أروني قبره. فأروه ، فقام ، فقال : يا حام بن نوح احي بإذن الله ـ عزوجل ـ فلم يخرج ، ثم قالها الثانية (٢) ، فخرج ، وإذا (٣) شقّ رأسه ولحيته أبيض ، فقال : ما هذا ، قال : سمعت الدعاء الأول فظننت أنه من الله ـ تعالى ـ فشاب له شقي ، ثم سمعت الدعاء الثاني فعلمت أنه من الدنيا فخرجت ، قال : مذ كم متّ؟ قال : منذ أربعة آلاف سنة ، ما ذهبت عنّي سكرة الموت حتى الآن. وروي أن الذي أحياه عيسى ابن مريم سام بن نوح ، والله أعلم. وروي عن النمر بن هلال قال : الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ فاثنا عشر ألف للسودان ، وثمانية للروم ، وثلاثة للفرس وألف للعرب قال (٤) مجاهد : ربع من لا يلبس الثياب من السودان مثل جميع الناس.
قوله : (فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) الكافرين ، وإنما قال : «فقل» ولم يقل : فقولوا ، لأنّ نوحا كان نبيا لهم وإمامهم ، فكان قوله قولا لهم مع ما فيه من الإشعار بفضل النبوة وإظهار كبرياء الربوبية ، وأن رتبة ذلك المخاطب لا يترقى إليها إلا ملك أو نبي (٥).
قال قتادة : علمكم الله أن تقولوا عند ركوب السفينة : (بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها)(٦) ، وعند ركوب الدابة : (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا)(٧) ، وعند النزول : «وقل رب أدخلني منزلا مباركا» (٨)(٩). قال الأنصاري : وقال لنبينا : (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ)(١٠) ، وقال : (فَإِذا (١١) قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ)(١٢) فكأنه ـ تعالى ـ أمرهم أن لا يغفلوا عن ذكره في جميع أحوالهم (١٣).
قوله : (وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً) قرأ أبو بكر بفتح ميم (منزلا) وكسر الزاي ، والباقون بضم الميم وفتح الزاي (١٤) و (المنزل) (١٥) و (المنزل) كل منهما يحتمل أن
__________________
(١) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٢) في ب : ثانيا.
(٣) في ب : فإذا.
(٤) في ب : وقال.
(٥) انظر الكشاف ٣ / ٤٧ ، الفخر الرازي ٢٣ / ٩٦.
(٦) من قوله تعالى : «وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» [هود : ٤١].
(٧) من قوله تعالى : «لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ» [الزخرف : ١٣].
(٨) [المؤمنون : ٢٩].
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٩٦.
(١٠) [الإسراء : ٨٠].
(١١) في ب : وإذا. وهو تحريف.
(١٢) من قوله تعالى : «فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ» [النحل : ٩٨].
(١٣) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٩٦.
(١٤) السبعة (٤٤٥) الكشف ٢ / ١٢٨ ، الحجة لابن خالويه (٢٥٦).
(١٥) والمنزل : سقط من ب.