أحدهما : أن نبين قدرتنا.
والثاني : أن نقر في الأرحام من نقر حتى يولدوا وينشئوا ويبلغوا حد التكليف فأكلفهم ، ويعضد هذه القراءة قوله : (ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ)(١). قال شهاب الدين : تسميته مثل هذه الأفعال المسندة إلى الله تعالى غرضا لا يجوز (٢). وقرأ ابن وثاب «نشاء» بكسر النون وهو كسر حرف المضارعة (٣) كما تقدم في قوله : (نَسْتَعِينُ)(٤).
والمراد بالأجل المسمى يعني نقر في الأرحام ما نشاء فلا نمحه ولا نسقطه إلى أجل مسمى وهو حد الولادة ، وهو آخر ستة أشهر أو تسعة أشهر أو أربع سنين كما شاء وقدر تام الخلق والمدة.
قوله : (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) أي : تخرجون من بطون أمهاتكم ، «طفلا» حال من مفعول «نخرجكم» (٥) ، وإنما وحّد ، لأنه في الأصل مصدر كالرضا والعدل ، فيلزم الإفراد والتذكير ، قاله المبرد(٦) ، وإما لأنه مراد به الجنس (٧) ، ولأنه العرب تذكر الجمع باسم الواحد قال تعالى : (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ)(٨) وإما لأن المعنى نخرج كل واحد منكم ، نحو (٩) : القوم يشبعهم رغيف ، أي : كل واحد منهم (١٠). وقد يطابق به ما يراد به فيقال : طفلان وأطفال (١١) ، وفي الحديث : «سئل عن أطفال المشركين» (١٢). والطفل يطلق على الولد من حين الانفصال إلى البلوغ (١٣). وأما الطفل ـ بالفتح ـ فهو الناعم ، والمرأة طفلة (١٤) ، قال :
__________________
(١) الكشاف ٣ / ٢٦.
(٢) الدر المصون ٥ / ٦٥.
(٣) تفسير ابن عطية ١١ / ٢٢٩ ، القرطبي ١٢ / ١١ ، البحر المحيط ٦ / ٣٥٢.
(٤) من قوله تعالى : «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» [الفاتحة : ٥]. وذكر هناك وقرىء «نستعين» بكسر حرف المضارعة ، وهي لغة مطردة في حروف المضارعة ، وذلك بشرط أن لا يكون ما بعد حرف المضارعة مضموما ، فإن ضم ك (نقوم) ولم يكسر حرف المضارعة لثقل الانتقال من الكسر إلى الضم ، وبشرط أن يكون المضارع من ماض مكسور العين نحو نعلم من علم ، أو في أوله همزة وصل نحو «نستعين» من استعان ، أو تاء مطاوعة ، نحو نتعلم من تعلم ، فلا يجوز في يضرب ويقتل كسر حرف المضارعة لعدم الشروط المذكورة. انظر اللباب ١ / ٢٨.
(٥) انظر التبيان ٢ / ٩٣٣.
(٦) انظر التبيان ٢ / ٩٣٣ ، والبحر المحيط ٦ / ٣٤٦ ، ٣٥٢.
(٧) انظر التبيان ٢ / ٩٣٣ ، القرطبي ١٢ / ١١ ، البحر المحيط ٦ / ٣٥٢.
(٨) [التحريم : ٤] والاستدلال بهذه الآية أن (ظهير) خبر عن الجمع ، وهو واحد في معنى الجمع. البيان ٢ / ٤٤٧ ، التبيان ٢ / ١٢٣٠ ، انظر القرطبي ١٢ / ١١.
(٩) في ب : عن. وهو تحريف.
(١٠) انظر التبيان ٢ / ٩٣٣ ، البحر المحيط ٦ / ٣٥٢.
(١١) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٤٦.
(١٢) أخرجه أحمد ١ / ٢٩٤.
(١٣) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٤٦.
(١٤) القرطبي ١٢ / ١٢ ، البحر المحيط ٦ / ٣٤٦.