وهي (١) حال مؤكدة إذ يلزم من كونهم «حنفاء» عدم الإشراك أي مخلصين له ، أي تمسكوا بالأوامر والنواهي على وجه العبادة لله (٢) وحده لا على وجه إشراك غير الله به ، فلذلك قال (غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ). ثم قال : (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ) أي : سقط من السماء إلى الأرض.
قوله : «فتخطفه». قرأ نافع بفتح الخاء والطاء مشددة (٣) ، وأصلها تختطفه (٤) فأدغم (٥). وباقي السبعة «فتخطفه» بسكون الخاء وتخفيف الطاء (٦). وقرأ الحسن (٧) والأعمش وأبو رجاء بكسر التاء والخاء والطاء مع التشديد (٨). وروي عن الحسن أيضا (٩) بفتح الطاء مشددة مع كسر التاء والخاء (٧). وروي عن الأعمش كقراءة العامة إلا أنه بغير فاء «تخطفه» (٧) وتوجيه هذه القراءات قد تقدم في أوائل البقرة عند قوله : (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ)(١٠). وقرأ أبو جعفر «الرياح» جمعا (١١).
وقوله : «خرّ» في معنى (تخر) ، ولذلك عطف عليه المستقبل وهو «فتخطفه» (١٢).
ويجوز أن يكون على بابه ولا يكون «فتخطفه» عطفا عليه بل هو خبر مبتدأ مضمر أي : فهو تخطفه (١٣). قال الزمخشري : يجوز في هذا التشبيه أن يكون من (١٤) المركب (١٥) والمفرق (١٦) فإن كان تشبيها مركبا ، فكأنه قال : من أشرك بالله فقد أهلك نفسه إهلاكا ليس وراءه هلاك بأن صور حاله بصورة حال من خرّ من السماء فاختطفته
__________________
(١) في الأصل : وهو.
(٢) لله : سقط من الأصل.
(٣) السبعة (٤٣٦) ، الكشف ٢ / ١١٩ ، النشر ٢ / ٣٢٦ ، الإتحاف (٣١٥).
(٤) في الأصل : تخطفه. وهو تحريف.
(٥) أي أن أصل (تخطّفه) بتشديد الطاء (تختطفه) نقلت حركة التاء إلى الخاء وقلبت التاء طاء وأدغمت الطاء في الطاء فصارت (تخطفه). الممتع ٢ / ٧٢ ـ ٧١٣ ، شرح الشافية ٣ / ٢٨٥.
(٦) أي أنه مضارع (خطف). السبعة (٤٣٦) ، الكشف ٢ / ١١٩ ، النشر ٢ / ٣٢٦ ، الإتحاف ٣١٥.
(٧) الحسن : سقط من ب.
(٨) تفسير ابن عطية ١٠ / ٢٧٥ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٦.
(٩) أيضا : سقط من ب.
(٧) الحسن : سقط من ب.
(٧) الحسن : سقط من ب.
(١٠) «يخطف» : سقط من ب. [البقرة : ٢٠].
(١١) تفسير ابن عطية ١٠ / ٢٧٥ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٦.
(١٢) انظر التبيان ٢ / ٩٤١.
(١٣) انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ٢٧٥.
(١٤) من : مكرر في الأصل.
(١٥) التشبيه المركب : ما كان وجه الشبه منتزعا من عدة أمور يجمع بعضها إلى بعض ثم يستخرج من مجموعها الشبه. انظر أسرار البلاغة (٧٣).
(١٦) التشبيه المفرق أو المفروق : هو أن يؤتى بمشبه ومشبه به ثم بمشبه ومشبه به أو بأكثر من ذلك كقول الشاعر :
النشر مسك والوجوه دنا |
|
نير وأطراف الأكف عنم |
بغية الإيضاح ٣ / ٥٥.