من الصفا إلى المروة سعي الحج أو العمرة قربةً إلى الله تعالى ، مع الغفلة عن العدد ، أو مع تذكر أنه الثامن ، أو زعمه السابع ، فلا مانع من مقارنة النية لكل شوط ، بل لا يخلو منها المكلّف غالباً ، ولذا أُطلق إضافة الستّ إليها ، فلم يبق الصحيح في المسألة مستنداً (١). انتهى.
أقول : فيما ذكره بُعد. والأولى السكوت عن أمر النية ؛ فإن الإشكال الوارد من جهتها وهو عدم تحققها في الابتداء ومقارنتها مشترك الورود بين الاحتمالين (٢).
هذا ، ولكن الإنصاف بُعد الاحتمال الثاني جدّاً ، وكون الجمع الأول أولى ، سيّما مع اشتهاره بين أصحابنا. لكن ينبغي الاقتصار حينئذ في إضافة الستّ على مورد النص ، وهو إكمال الشوط الثامن ، كما صرّح به ابن زهرة وشيخنا الشهيد الثاني وغيرهما (٣) ؛ لما عرفت من مخالفته الأصل من وجهين (٤) ، فتعيّن اطراح الزائد إن كان بعضاً ، والاعتداد بالسبعة المزيد عليها ؛ والأخبار بالصحة وإن اختصّت بمن زاد شوطاً كاملاً أو شوطين أو أشواطاً كاملة ، لكن إذا لم يبطل بزيادتها سهواً فلئلاّ يبطل بزيادة بعضٍ شوطٍ أولى.
__________________
(١) كشف اللثام ١ : ٣٤٧.
(٢) وهو احتمال تخصيص ما دلّ بوجوب البدأة بالصفا بالسعي المبتدأ وإبقاء الصحيح هنا على ظاهره ، واحتمال إبقاء العموم الأول عليه وصرف هذا الصحيح عن ظاهره بحمله على وقوع البدأة بالمروة دون الصفا. ( منه رحمهالله ).
(٣) ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٩ ، الشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٢٥ ، المدارك ٨ : ٢١٣ ، مفاتيح الشرائع ١ : ٣٧٦.
(٤) الأول : وقوع البدأة في الأُسبوع الثاني من المروة دون الصفا ، والثاني : خلو أوّلها عن النية وعدم مقارنتها لها. ( منه رحمهالله ).