بتردّده فيه : من ذلك ، ومن صحة الرواية الأُولى ، وإمكان جبر ضعف الثانية بفتوى الشيخين والحلّي بها وجماعة (١) ، فيمكن تخصيص القواعد بهما ، كما صرّح به جماعة (٢) قائلين بأن العقل لا يأباها بعد ورود النص بها.
مع إمكان توجيه الحكم فيهما بنحو لا يخالفها ، إمّا بما ذكره الحلّي من أن الكفارة لأجل أنه خرج من السعي غير قاطع به ولا متيقِّن بإتمامه ، بل خرج عن ظنّ منه ، وهاهنا لا يجوز له أن يخرج مع الظن بل مع القطع واليقين ، وقال : هذا ليس بحكم الناسي.
أو بما ذكره شيخنا في المسالك من أن الناسي وإن كان معذوراً لكن قد قصّر حيث لم يلحظ النقص ، قال : فإنّ من قطع السعي على ستة أشواط يكون قد ختم بالصفا ، وهو واضح الفساد ، فلم يعذر ، بخلاف الناسي غيره فإنه معذور (٣). انتهى. ولعلّ هذا أقوى.
لكن يجب القصر على مورد النص ، وهو المتمتع كما في الرواية الأُولى جزماً ، وكذا في الثانية على ما يفهم من جماعة ، ومنهم الماتن في الشرائع والفاضل في القواعد (٤) ، تبعاً للحلّي (٥) ، حيث قال بعد الفتوى بمضمونها وتوجيهه بما مضى : وهذا يكون في سعي العمرة المتمتع بها إلى الحج ، فإنه في غيرها قاطع بوجوب طواف النساء عليه وقد جامع قبله متذكراً فعليه لذلك بدنة.
__________________
(١) المفيد في المقنعة : ٤٣٤ ، الطوسي في النهاية : ٢٤٥ والمبسوط ١ : ٣٣٧ ، الحلّي في السرائر ١ : ٥٥١ / ٥٨٠ ؛ وانظر الإيضاح ١ : ٣٠٣ ، والمهذب البارع ٢ : ٢١٥ ، والمسالك ١ : ١٢٥ ، والكفاية : ٦٨.
(٢) منهم : ابن فهد في المهذب ٢ : ٢١٥ ، وصاحب المدارك ٨ : ٢١٧.
(٣) المسالك ١ : ١٢٥.
(٤) الشرائع ١ : ٢٧٤ ، القواعد ١ : ٨٤.
(٥) السرائر ١ : ٥٥١.