تعمّد بعد الثلاثين يوماً التي يوفّر فيها الشعر للحج فإنّ عليه دماً يهريقه » (١).
بل الظاهر انحصار المستند في الدم من الأخبار في هذا الخبر ، دون ما مرّ ؛ إذ هو مع قصور سنده بل ضعفه ظاهر في الجاهل أو الساهي أو الناسي ، دون العامد ، وقد أجمعوا عدا الماتن على اختصاص الحكم بالعامد ، وأنه لا شيء على من عداه ؛ للأصل ، وضعف الخبر ، وخصوص الصحيح الذي مرّ ، والمرسل القريب منه في السند والمتن : « إن كان ناسياً أو جاهلاً فليس عليه شيء ، وإن كان متمتعاً في أول شهور الحج فليس عليه شيء إذا كان قد أعفاه شهراً » (٢).
ولكن في التمسك للحكم بهذا الصحيح أيضاً نظر ؛ لعدم ظهوره في الحلق بعد الإحرام ، واحتمال كون الدم للإخلال بتوفير الشعر قبل الإحرام المستحب عند الأصحاب ، والواجب عند الشيخين (٣) ، وأفتى بوجوب الدم فيه المفيد ، كما مرّ في بحث الإحرام (٤).
وبه استدل له هناك ، ولكن قد مرّ الجواب عنه ثمة.
وبالجملة : فالخبر للاحتمال المزبور مجمل لا يمكن التمسك به في محل البحث ، مضافاً إلى أن ما فيه من التفصيل في صورة العمد لا يوافق فتوى الأصحاب على الإطلاق بلزوم الدم ، وهذا من أكبر الشواهد على تعيين ما مرّ من الاحتمال ، وإلاّ فهو شاذ ، وكذا الخبر الأول ، لما مرّ.
وعليه فيشكل الحكم بوجوب الدم ، إلاّ أن يكون إجماعاً ، ولا ريب
__________________
(١) الكافي ٤ : ٤٤١ / ٧ ، الفقيه ٢ : ٢٣٨ / ١١٣٧ ، التهذيب ٥ : ١٥٨ / ٥٢٦ ، الوسائل ١٣ : ٥١٠ أبواب التقصير ب ٤ ح ٥.
(٢) التهذيب ٥ : ٤٧٣ / ١٦٦٥ ، الوسائل ١٣ : ٥٠٩ أبواب التقصير ب ٤ ح ١.
(٣) المفيد في المقنعة : ٣٩١ ، الطوسي في النهاية : ٢٠٦ والاستبصار ٢ : ١٦٠.
(٤) راجع ص : ٢٨٥٢.