وفي الخبر : عن الرجل يطوف بين أُسبوعين ، فقال : « إن شئت رويت لك عن أهل مكة » فقال : قلت له : والله مالي في ذلك حاجة جعلت فداك ، ولكن اروِ لي ما أدين الله عز وجل به ، فقال لي : « لا تقرن بين أُسبوعين ، كلّما طفت أُسبوعاً فصلِّ ركعتين ، وأما أنا فربما قرنت الثلاثة والأربعة » فنظرت إليه فقال : « إنّي مع هؤلاء » (١).
وغاية هذه الأخبار الدلالة على تحريم القرآن ، وهو لا يستلزم بطلان الطواف الأول إذا كان فريضة ، أو بطلانهما معاً كما هو ظاهر العبارة وغيرها ؛ لتعلق النهي بخارج العبادة ، لعدم صدق القران إلاّ بالإتيان بالطواف الثاني ، فهو المنهي عنه ، لا هما معاً أو الأول كما هو ظاهر القوم.
نعم ، لو أُريد بالباطل الطواف الثاني اتّجه ؛ لتعلّق النهي بنفس العبادة حينئذ.
ويدلُّ على البطلان حينئذ زيادةً على ذلك الأخبار الدالة على فورية صلاة الطواف وأنها تجب ساعة الفراغ منه لا تؤخَّر (٢) ، بناءً على ما قررناه في الأُصول من استحالة الأمر بشيئين متضادين في وقت مضيّق ولو لأحدهما.
وبالجملة : ظاهر الأدلة تحريم القرآن في طواف الفريضة ، وأما بطلانه فلم نقف له على حجة إلاّ أن يكون إجماعاً كما ربما يفهم من التنقيح وغيره (٣).
__________________
(١) الكافي ٤ : ٤١٨ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١١٥ / ٣٧٤ ، الإستبصار ٢ : ٢٢٠ / ٧٥٩ ، الوسائل ١٣ : ٣٧٠ أبواب الطواف ب ٣٦ ح ٣.
(٢) انظر الوسائل ١٣ : ٤٣٤ أبواب الطواف ب ٧٦.
(٣) التنقيح ١ : ٥٠٢ ؛ وانظر التذكرة ١ : ٣٦٥.