وهذه الأخبار صريحة الدلالة وإن لم يتضمن ما عدا الأخير منها التصريح بالتعمد ، إلاّ أن قوله فيها : « فينتقم الله تعالى منه » صريح في الاختصاص به ، وهي مع ذلك مخالفة لما عليه العامة إلاّ النادر منهم (١) ، كما صرّح به جماعة (٢) ، موافقة لظاهر الكتاب ؛ فإنه جعل سبحانه جزاء العود الانتقام ، بعد أن جعل جزاء ابتدائه الفدية بمقتضى المقابلة ، والتفصيل قاطع للشركة ، ولذا تمسك به في الرواية الأخيرة ، بل الروايات المزبورة كلّها لنفي الكفارة عن متعمد العود ، فتكون مفسرة للآية.
ومع ذلك معتضدة بالأصل ، وسليمة عن المعارض بالكلّية ، عدا ما قيل (٣) من الآية ، وفيها ما عرفته ؛ ومن الاحتياط ، وليس بدليل شرعي ؛ وإطلاقات الأخبار بالكفارات ، لشمولها المرة الثانية ولو عمداً ، وفيها منع ، لاختصاصها بحكم التبادر بالمرة الأُولى وما عدا العمد خاصة ، فهي إذاً بالنسبة إلى التكرار والعمد مجملة لا حجة فيها بالكلية.
والرواية الثانية وهي أيضاً مستفيضة ، ففي الصحيح : « عليه الكفارة في كل ما أصاب » (٤).
وفي آخر : « كلّما عاد عليه كفارة » (٥).
وفي جملة من الأخبار الصحيحة أنه لا فرق في لزوم الكفارة بين
__________________
(١) المجموع ٧ : ٣٢٣.
(٢) منهم : الشيخ في الخلاف ٢ : ٣٩٧ ، والعلامة في المختلف : ٢٧٧.
(٣) انظر المختلف : ٢٧٧ ، والتنقيح ١ : ٥٤٧.
(٤) الكافي ٤ : ٣٩٤ / ١ ، التهذيب ٥ : ٣٧٢ / ١٢٩٥ ، الإستبصار ٢ : ٢١٠ / ٧١٨ ، الوسائل ١٣ : ٩٢ أبواب كفارات الصيد ب ٤٧ ح ١.
(٥) التهذيب ٥ : ٣٧٢ / ١٢٩٦ ، الإستبصار ٢ : ٢١٠ / ٧١٩ ، الوسائل ١٣ : ٩٣ أبواب كفارات الصيد ب ٤٧ ح ٣.