وأما الصحيح المتضمن لنحو ما مرّ في صدر الصحيح الأخير وقول الراوي بعده : قلت : فإن لم يقدر ، قال : « يأمر من يطوف عنه » (١) فليس فيه دلالة على التقييد ؛ إذ الشرط إنما هو في كلام الراوي ، فلا يفيد التقييد ، وإنما يستفاد من قوله عليهالسلام : « حتى يطوف بالبيت » الظاهر في وجوب طوافه عليه ومباشرته له بنفسه. لكن قد عرفت بما مرّ أن المراد منه المعنى الأعم الشامل له ولنائبه.
وعلى هذا فلم يبق حجّة على القول الثاني عدا أصالتي بقاء حرمة النساء وعدمِ الانتقال إلى الغير ، وهما مخصَّصان بما مرّ.
فإذاً القول الأوّل أظهر ، سيّما مع كونه أشهر وأوفق بما دلّ على نفي العسر والحرج.
ولكن الثاني أحوط ، بل لا يترك ؛ لإمكان المناقشة في إطلاق الصحاح بقوة احتمال ورودها مورد الغالب ، وهو صورة التعذّر أو التعسّر في العود ؛ وعدم صراحة قوله عليهالسلام في الحديث الذي [ يقر بها (٢) ] : « يأمر من يقضي عنه إن لم يحج » فيما مرّ ، بل هو مطلق أيضاً ، يحتمل الحمل على الغالب من صورة التعذّر ، فلعلّه الباعث على عدم إرادة الحج.
وعلى هذا فيبقى الأوامر بطوافه بنفسه المستفادة من قوله : « لا حتى يطوف بالبيت » وغيره باقية على ظاهرها من لزوم المباشرة ، خرج منه صورة التعذّر خاصة اتّفاقاً فتوًى وروايةً وبقي الباقي ، وحينئذٍ فلا مخصّص يطمئن إليه للأصلين المتقدم إليهما الإشارة.
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٢٥٦ / ٨٦٧ ، الإستبصار ٢ : ٢٣٣ / ٨٠٩ ، الوسائل ١٣ : ٤٠٧ أبواب الطواف ب ٥٨ ح ٤.
(٢) في النسخ : يفيدها ، ولعلّ الصحيح ما أثبتناه وقد مرّ الحديث في ص ٣١٩٠.