والتقريب أن الظاهر أن المراد بقوله : « يأمر من يقضي عنه إن لم يحج » والله يعلم أنه يستنيب إن لم يرد العود بنفسه ، وهو أعم من صوره التعذّر وغيره ، بل لعلّه ظاهر في الثاني ، وإلا لقيل : يأمر من يقضي عنه إن لم يقدر على الحج ، وحينئذٍ فيكون هذا قرينة على أن المراد بقوله في صدره : « لا تحلّ له النساء حتى يزور البيت » لا تحلّ له حتى يحصل زيارة بنفسه أو بغيره.
وأظهر منه في ذلك ما سيأتي من رواية صحيحة ، بل لعلّها فيه صريحة كما ستعرفه.
ومنه يظهر الجواب عن الصحيح المستدل به للقول الثاني المتضمّن لقوله عليهالسلام : « لا تحلّ له النساء حتى يزور البيت ، فإن هو مات فليقض عنه وليّه أو غيره » (١) بحمله على ما ذكرنا.
ولا ينافيه ما في ذيله من قوله عليهالسلام : « فأمّا ما دام حيّاً فلا يصلح أن يقضى عنه » الحديث ؛ إذ غايته نفي الصلاحيّة الذي هو أعم من الكراهة والحرمة ، فلعلّ المراد به الكراهة إن لم نقل بظهوره فيها ، كما عليه المتأخّرون كافة ، تبعاً لما صرّح به الشيخ في مواضع عديدة ، ومنها ما في الاستبصار في بحث صلاة الفريضة في جوف الكعبة حيث صرّح ثمة بأنّ لا يصلح صريح في الكراهة (٢) ، ونحن نقول بها في المسألة ، وعلى هذا فتكون هذه الصحيحة دليلاً آخر على الإطلاق ، لا على خلافه حجّة وإن توهّمه جماعة (٣).
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٢٥٥ / ٨٦٥ ، الإستبصار ٢ : ٢٣٣ / ٨٠٧ ، الوسائل ١٣ : ٤٠٦ أبواب الطواف ب ٥٨ ح ٢.
(٢) الاستبصار ١ : ٢٩٩.
(٣) منهم : الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٤٣ ، منهم : وصاحب الحدائق ١٦ : ١٨١.