وبالإجماعين يخصّص ما دلّ على لزوم الوفاء بالعقود والشروط كتاباً وسنّة (١).
وربما يزاد عليهما بدلالة الكتاب والسنة المتواترة على استحباب القرض والمداينة (٢) ولا يتعلّق بخصوص إجراء الصيغة ، بل بمدلولها وهو تأخير المطالبة للعين المستقرضة إلى مدّة قضاء الوطر منها ، كما مرّت إليه الإشارة ، واستحباب التأخير هو عين معنى الجواز.
وفيه نظر ، أوّلاً : بمنع تعلّق الاستحباب بخصوص المدلول ، بل بسببه الذي هو إجراء الصيغة وإن كان الوجه في تعلّقه به هو رجحان العمل بمسبّبه ، فيرجع حاصل الأدلّة إلى استحباب الإقدام إلى القرض وإيجاب سببه ، ولا ينافيه وجوب المسبّب بعده ، وإن هو إلاّ كالتجارة ، فقد تظافرت الأدلّة باستحبابها مع وجوب العمل بمقتضيات أسبابها ، كصيغ البيوع ونحوها ، وككثير من العبادات المستحبة الواجبة بالشروع فيها.
وبالجملة استحباب الشيء ابتداءً غير وجوبه استدامةً ، فاستحباب الإقراض ابتداءً لا ينافي وجوب العمل بمقتضى عقده بعد إيجاده.
وثانياً : بأنّ ذلك بعد تسليمه إنّما يتوجّه بالنظر إلى نفس العقد ، وأنّه بمجرّده لا يقتضي وجوب التأخير ، بل غايته الاستحباب ، كما يستفاد من أدلّة استحبابه ، ولا كلام فيه ، لما مرّ من الإجماع على جواز العقد المستلزم لعدم وجوب التأخير ، ولكنّه لا ينافي لزومه بسبب آخر غير نفس العقد المجرّد ، وهو العقد المركّب من الشرط ، لعموم ما دلّ على لزوم الوفاء بالعقود ، مضافاً إلى ما دلّ على لزوم الوفاء بالشروط.
__________________
(١) المائدة : ١ ؛ وانظر الوسائل ٢٣ : ٣٢٦ أبواب النذر والعهد ب ٢٥.
(٢) الوسائل ١٨ : ٣٢٩ أبواب الدين والقرض ب ٦.