وذلك فإنّ غاية الأدلّة صحّة التأجيل ، ولا كلام فيها ، وثمرتها إنّما هو جواز تأخير الدفع إلى الأجل ووجوبه بعده ، وهو غير لزومه الذي هو عبارة عن وجوب التأخير إليه ، وإنّما الكلام فيه.
هذا مضافاً إلى قصور سند الخبرين مع عدم معاضد لهما في البين ، وضعف دلالة الكتاب من وجه آخر ، وهو اختصاصه بالدين ، وهو غير القرض بنصّ أهل اللغة ، فقد صرّح في القاموس وغيره بأنّه لا أجل فيه ، بخلاف الدين ، فإنّه الذي فيه الأجل (١). فالاستدلال به على لزومه في القرض على تقدير تماميّته بفساد الوجه الأوّل غير تامّ من هذا الوجه.
نعم في المضمر : عن رجل أقرض رجلاً دراهم إلى أجل مسمّى ثم مات المستقرض ، أيحلّ مال القارض بعد موت المستقرض منه ، أم لورثته من الأجل ما للمستقرض في حياته؟ فقال : « إذا مات فقد حلّ مال القارض » (٢).
وهو مشعر بلزوم التأجيل في القرض كالدين ، من حيث التقرير والمفهوم ، إلاّ أنّ قصور السند بالإضمار والمتن للإجماع أوجب هجره في المضمار.
وأمّا القدح فيه بالدلالة بمنع الظهور بالكلّية ، بنحو ما أُجيب به عن الخبرين المتقدّم إلى ذكرهما الإشارة ، من أنّ غايته الدلالة على صحّة الأجل لا اللزوم الذي هو مفروض المسألة ، لعلّه محلّ مناقشة يستخرج وجهها من النظر إلى لفظة « حلّ » الظاهرة في عدم استحقاق المطالبة قبل انقضاء المدة المضروبة حال حياة المستقرض بالضرورة ، فتأمّل.
__________________
(١) القاموس المحيط ٤ : ٢٢٦ ؛ وانظر لسان العرب ١٣ : ١٦٧.
(٢) التهذيب ٦ : ١٩٠ / ٤٠٩ ، الوسائل ١٨ : ٣٤٤ أبواب الدين والقرض ب ١٢ ح ٢.