وحكى فخر الإسلام (١) عن والده أنّ في المسألة أقوالاً أُخر ثلاثة : بين حاكم بتوقّف التملّك على الإنضاض ؛ نظراً إلى عدم وجود الربح في الخارج ، بل هو مقدّر موهوم ، والمملوك لا بُدّ أن يكون محقّق الوجود ، فيكون الظهور موجباً لاستحقاق الملك بعد التحقق.
وقائلٍ بتوقّفه على القسمة ؛ لاستلزام التملّك قبلها شيوع النقصان الحادث بعد ذلك في المال كسائر الأموال المشتركة ، والتالي باطل ، لانحصاره في الربح ، ولأنه لو ملك لاختصّ بربحه ، ولأنّ المضاربة معاملة جائزة والعمل فيها غير مضبوط فلا يستحقّ العوض فيها إلاّ بتمامه كمال الجعالة.
ووافقه ثالث في اعتبار القسمة إلاّ أنه جعلها كاشفة عن الملك لا مُملّكة ؛ لأن القسمة ليست من الأسباب المُملّكة ، لانحصار المقتضي للملك في العمل خاصّة ، وهي دالّة على تمامه الموجب للملكيّة.
وهذه الأقوال مع كونها اجتهادات صرفة في مقابلة النصوص المعتبرة ، غير معروفة القائل بين الخاصّة والعامّة ، إلاّ الثاني خاصّة فقد جعله في التذكرة (٢) للشافعي في أحد قوليه وأحمد في إحدى الروايتين ، ووافقا في الباقي على الأوّل (٣) مضعَّفة ، فالأوّل : أوّلاً بمنع عدم وجود الربح قبل الإنضاض ؛ لعدم انحصار المال في النقد ، فإذا ارتفعت قيمة العروض فرأس المال منه ما قابل رأس المال والزائد ربح ، وهو محقّق الوجود.
__________________
(١) إيضاح الفوائد ٢ : ٣٢٢.
(٢) التذكرة ٢ : ٢٤٢.
(٣) مراده من الأوّل قول المشهور ، وهو تملّك الربح بمجرّد ظهوره.