ورواية العلل وإن شهدت بالجمع الآخر إلاّ أن فيها قصوراً من حيث السند ، والمقاومة لما مرّ من الوجوه لصحة الجمع الأوّل ، وإن اعتضدت بالصحيح : « لا تستأجر الأرض بالحنطة ثم تزرعها حنطة » (١) لاحتماله التقييد بكون الحنطة المستأجرة بها الأرض منها لا مطلقاً ، ويؤيّده ملاحظة المعتبرة المتقدمة الناهية عن إجارة الأرض بالطعام على الإطلاق معلّلة بما يقتضي تقييده بهذا القيد ، كما مرّ إليه الإشارة.
ومما حرّرنا ظهر عدم الخلاف في جواز إجارة الأرض بالطعام من غيرها مع تغايره لجنس ما تزرع به على كراهة ؛ ولعلّ وجهها إطلاق المعتبرة بالنهي عن مؤاجرتها به مطلقاً المحتمل شموله للصورة وإن تضمّنت ما يقتضي التقييد بغيرها ، كما مضى ؛ للمسامحة في الكراهة والاكتفاء في إثباتها بالاحتمال مطلقاً وإن ضعف ، على الأشهر الأقوى.
وعدم الخلاف في حرمتها به منها إلاّ من ظاهر العبارة ، حيث أطلقت الحكم بالكراهة بحيث شملت الصورة ؛ ووجهه غير ظاهر بعد ما عرفت من الأدلّة على الحرمة فيها.
مضافاً إلى عدم القائل بذلك من الطائفة ، كما يظهر من تتبّع كتب الجماعة ، وأن الأشهر الأقوى الحرمة في هذه الصورة والكراهة في الصورة الأُولى ولو مع اتّحاد الجنس.
خلافاً للقاضي في الصورتين ، فظاهره الجواز مع التغاير جنساً مطلقاً والحرمة مع الاتحاد كذلك (٢).
__________________
(١) الكافي ٥ : ٢٦٥ / ٣ ، الفقيه ٣ : ١٥٩ / ٦٩٥ ، التهذيب ٧ : ١٩٥ / ٨٦٣ ، الوسائل ١٩ : ٥٤ أبواب المزارعة والمساقاة ب ١٦ ح ٣.
(٢) المهذب ٢ : ١٠.