[سورة النساء آية : ١٥٩] فاستثنى من لفظه ، والمعنى : إن من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن به ، قال الراجز :
لو قلت ما في قومها لم |
|
تيثم يفضلها في حسب وميسم |
أي : لو قلت ما في قومها أحد يفضلها ، وقال تعالى : (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) [سورة الليل آية : ١٩ ، ٢٠] أي : لا يقصد لذلك ، ولكنه يقصد ابتغاء وجه ربه.
ومما يجري مع هذا الباب ما قاله المبرد : أن الاختيار في قوله : (وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) [سورة آل عمران آية : ١٤٧] أن يكون الاسم ما بعد إلا وليس مثل قوله : (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) [سورة الأنفال آية : ٣٥] ؛ لأن مكاء نكرة مصدر ، والاسم فيما مضى معرفة والخبر معرفة ، وكذلك قوله تعالى : (ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا) [سورة الجاثية آية : ٢٥] : (وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا) [سورة الأعراف آية : ٨٢] ، وقوله تعالى : (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا) [سورة الأنعام آية : ٢٣] وذلك أن إلا موجبة فاختاروا أن يجعلوا الموجب الاسم وهذا كله جائز إلا إذا كان الاسم والخبر معرفتين ، وينشدون بيت الفرزدق :
وقد شهدت قيس فما كان نصرها |
|
قتيبة إلّا عضّها بالأباهم |
على الوجهين.