سورة النساء وبراءة ، وقوله تعالى : (وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها) [سورة آل عمران آية : ١٢٠] يعني : القتل والهزيمة ؛ هكذا جاء في التفسير.
ويجوز عندنا أن يدخل في الحسنة هاهنا جميع ما ينالهم من المحبوب ، وفي السيئة جميع ما يصيبهم من المكروه.
الثاني : العمل الصالح ، قال الله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) [سورة الأنعام آية : ١٦٠] ، وقوله : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) [سورة النمل آية : ٨٩] والسيئة التي في هاتين الآيتين بمعنى المعصية ، وقرئ : عشر أمثالها [سورة الأنعام آية : ١٦٠] ، بالإضافة أي : عشر حسنات أمثالها وقرئ : عشر أمثالها على أن أمثالها من صفة العشر.
فإن قيل : كيف قال : (عَشْرُ أَمْثالِها) [سورة الأنعام آية : ١٦٠] والمثل مذكر؟ قلنا : لأنه مضاف إلى مؤنث ، وهي في المعنى أيضا حسنة أو درجة فأنت على المعنى ، وأراد بذكر العشر التكثير ولم يرد عشر بعينها ، كما تقول : إن كلمتني واحدة كلمتك عشرا ؛ وكذلك قوله : (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً) [سورة التوبة آية : ٨٠] أراد التكثير ، ولم يرد عددا بعينه ، ألا ترى أنه لو زاد على السبعين لم يغفر الله لهم أيضا.
الثالث : الخصب والسعة ، قال الله تعالى : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) [سورة النساء آية : ٧٨] ، يقول إن أصابهم خير وسعة وخصب نسبوه إلى الله تعالى ، وإن أصابهم ضيق وقحط نسبوه إليك ، وقالوا : إنما نالنا ذلك من شؤمك ، ومثله قوله : (ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ) [سورة الأعراف آية : ٩٥] ، أي : بدل الضيق بالسعة ، ومثله : (وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ) [سورة الأعراف آية : ١٦٨] ، أي : اختبرناهم بالضيق والسعة والبلوى.
والاختبار والتجربة سواء ، وحقيقة معناه فعل ما يحدث معه العلم بالمبلو المختبر ، ولا يجوز ذلك على الله ، لأنه عالم بنفسه.