ونسب الضلال بها إلى نفسه ، لأن الضلال وقع من بعض الناس عند ما ابتلى بها ؛ فنسب ذلك إلى نفسه ؛ كما قال : (فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) [سورة التوبة آية : ١٢٥] يعني : السورة ، والمراد أنهم ازدادوا رجسا عندها.
الثاني عشر : الحيرة ؛ قال تعالى : (فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) [سورة إبراهيم آية : ٣ ، ق : ٢٧] أي : في حيرة شديدة ، أو في حيرة بعيد دواؤها وتلافيها ويقال : ضل الطائر إذا تحير وضل الصبي ، مثله.
وأما قوله : (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) [سورة الرعد آية : ١٤] فمعناه أن دعاء الكافرين لأوثانهم باطل لا مرجوع له ، وضل الشيء إذا بطل وهلك.
وأما قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ) [سورة الرعد آية : ٢٧] فمعناه أنه يهدي الناس إلى ثوابه لا إلى الدين ؛ لأن الناس مهتدون إلى الدين.
وكذلك ينبغي أن يكون الإضلال هنا عن الثواب لا عن الدين ، ولو جاز أن يضل عن الدين لجاز لنا ذلك ، كما أنه جاز لنا أن نهدي إليه إذ كان الله يهدي إليه ، ولو جاز أن يضل عن الإيمان لجاز أن يدعو إلى الكفر ، ولو جاز له ذلك لجاز لنا.