وفي هذا دليل على صحة نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنه خبر وقع مخبره على ما أخبر به ، ومثله : (يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ) [سورة غافر آية : ٢٩] أي : عالين قاهرين ، ومثله : (فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ) [سورة الصف آية : ١٤].
السادس : الباطل ؛ قال أهل التفسير في قوله : (أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ) [سورة الرعد آية : ٣٣] أي : بباطل ، وأم هاهنا بمعنى بل ، ومنه قوله : (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ) [سورة الزخرف آية : ٥٢] أي : بل أنا خير لأنه قال : أيخبرونهم بما لا يعلم في الأرض بل يقول : زائل باطل لا ينبت ، وهو ادعاؤكم لهم الألهية.
وقوله : (قُلْ سَمُّوهُمْ) [سورة الرعد آية : ٣٣] يعني : الملائكة لأنهم عبدوهم ، فقال لهم : إنكم تعبدونهم فما أسماؤهم ، قالوا ومنه قوله تعالى : (يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) [سورة المجادلة آية : ٣] أي : يقولون باطلا.
وأصل هذه الكلمة عندنا من قولهم : أنت علي كظهر أمي ، وكان من طريق الجاهلية ، وصار في الإسلام فيه كفارة صورتها معروفة ونزلت في خولة بنت ثعلبة ، وأوس بن الصامت.
السابع : بمعنى الإعراض عن الشيء ؛ قال : (وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا) [سورة هود آية : ٩٢] أي : جعلتموه وراء ظهوركم ؛ يعني : أنكم تركتم العمل به ، ويقال : جعلت حاجتي تظهر إذا أطرحتها ولم تلتفت إليها.
والاتخاذ : أخذ الشيء لأمر يستمر ، وقيل : الظهري ؛ ما جعل وراء الظهر وقد ظهرته أي : جعلته كذلك ، وقيل : معناه أنه ثقل عليكم ، من قول العرب : حملت فلانا على ظهري إذا ثقل عليك ، ويقال أيضا : ظهر بفلان ؛ إذا لم يلتفت إليه ، قال الشاعر :
جدّ تأمر بني البرّ شاء من ولد الظّهر
أي الذين يظهر بهم ولا يلتفت إلى أرحامهم ، والظهري في غير هذا الموضع : العون ، ومنه الظاهري في الدواب.