ويذهب بعضهم إلى أنه لا صيغة للعموم في اللغة ، قال : لأن كل لفظ صيغته صيغة العموم ، قد جاء مثله في الخصوص ، وليس الأمر كذلك ؛ لأن صيغة العموم معروفة ، ولا يخص إلا دلالة وحيث لا دليل فهو على أصل العموم ، ألا ترى أن قوله : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) [سورة آل عمران آية : ١٨٥] ، لا يجوز أن تخص ، لأنه لا دليل فيه فهو على العموم ، وصيغته صيغة العموم ، وأما قوله تعالى : (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) [سورة النمل آية : ٢٣] ، فقد دل على أنه مخصوص ، فكأنه قال : قد أوتيت أكثر الأشياء فهذا الأصل ، والأول مجاز ، وإذا خرج شيء عن الأصل ؛ فإن الأصل لا يبطل به ، وكل شيء موقوف على دليله ، وألفاظ العموم من فيمن يعقل وما فيما لا يعقل ، وأين في الأمكنة ، ومتى في الأزمنة ، وكل فيمن يعقل وفيما لا يعقل ، وغير ذلك فيما ذكره العلماء.
الثاني : المؤمنون خاصة ، قال الله : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) [سورة البقرة آية : ١٦١] ، يعني : أن المؤمنين يلعنونهم فاللفظ عام ، والمعنى خاص ، ويجوز أن يعني : أن بعضهم يلعن بعضا في الآخرة مع لعن المؤمنين لهم ، فيكون معنى الآية على ظاهره ، وتأويل هذا قوله تعالى (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها) [سورة الأعراف آية : ٣٨].
وقال الربيع : يراد لعن المؤمنين لهم ويخرج هذا على قولك المؤمنون هم الناس ؛ كأنه لا يعتد بغيرهم ، ومثل هذه الآية قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ) [سورة البقرة آية : ١٣] ، أي : كما آمن غيركم من الناس ، وقيل : يعني بالناس هاهنا عبد الله بن سلام وأصحابه.
الثالث : بنو إسرائيل خاصة ، قال الله : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي) [سورة المائدة آية : ١١٦].
الرابع : من كان على عهد آدم وأهل سفينة نوح عليهالسلام ، قال الله : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) [سورة البقرة آية : ٢١٣] ، وقد مضى هذا القول في هذا.