الشيء وتأخيت أخا للفرق بين المعنيين ، ويجوز أن يكون توخيت الشيء مأخوذا من الوحي ، وهو الطريق القاصد وهذا أجود الوجهين.
وهو في القرآن على ستة أوجه :
الأول : الأخ من الأب والأم ، قال : (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ) [سورة المائدة آية : ٣٠] ، وقال : (فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي) [سورة المائدة آية : ٣١] ونحوه كثير ، وسماها سوأة ؛ لأنها جيفة.
الثاني : الأخ في النسب ، قال الله تعالى : (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً) [سورة الأعراف آية : ٦٥] ، وقوله : (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً) [سورة الأعراف آية : ٧٣] ، وقوله : (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) [سورة الأعراف آية : ٨٥] ، وقال : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) [سورة البقرة آية : ١٧٨] فإن قيل : فلم سمي ولي الدم أخا القاتل في هذه الآية ، والقاتل فاسق والفاسق لا يكون أخا لمؤمن ، قلنا : سماه بذلك كما سمي هودا أخا عاد ، والقوم إذا كانوا من جيل واحد وقبيلة واحدة سموا أخوة ؛ لأنهم ينتهون إلى أب واحد قريب أو بعيد ، وسنفسر هذه الآية فيما بعد إن شاء الله.
الثالث : الأخ في الكفر والشرك ، قال الله : (وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِ)(١) [سورة الأعراف آية : ٢٠٢] ، وقال تعالى : (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ) [سورة الإسراء آية : ٢٧] ، ونحوه : (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها) [سورة الأعراف آية : ٣٨].
__________________
(١) قال الخازن : (وَإِخْوانُهُمْ) يعني وإخوان الشياطين من المشركين (يَمُدُّونَهُمْ) أي يمدهم الشياطين فِي الغَيِّ قال الكلبي لكل كافر أخ من الشياطين يمدونهم أي يطيلون لهم في الإغواء حتى يستمروا عليه وقيل يزيدونهم في الضلالة (ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) يعني لا يكفون عن الضلالة ولا يتركونها وهذا بخلاف حال المؤمنين المتقين لأن المؤمن إذا أصابه طيف من الشيطان تذكر وعرف ذلك فنزع عنه وتاب واستغفر والكافر مستمر في ضلالته لا يتذكر ولا يرعوي. وقال ابن عباس : لا الإنس يقصرون عما يعملون من السيئآت ولا الشياطين يمسكون عنه فعلى هذا القول يحمل قوله لا يقصرون على فعل الإنس والشياطين جميعا. [لباب التأويل : ٣ / ١٥٠].