قوله تعالى : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ).
جملة مستأنفة ترغب المؤمنين الى طاعة من يستمد منه النصر وتحذّرهم عن عصيان من يكون عصيانه سببا للخذلان ، والخطاب فيها تشريفا للمؤمنين يدعوهم الى التوكل بيان وجه من وجوه الحكمة في وجوب التوكل على الله تعالى وهو ان الإنسان إذا استعد للعمل وهيئ مقدماته على قدر المستطاع وهو لا يعلم عواقب الأمور فتوكل على من يعلمها ويدبرها على النحو الأحسن فلا محالة تحصل في نفسه ثقة واطمينان بتحققه ، وقد اقتضت حكمته محبة المتوكلين عليه ونصرتهم فإذا نصرهم فلا يغلب احد عليه.
وقوله تعالى : (فَلا غالِبَ لَكُمْ) يبين نفي الجنس بنفي جميع افراد الغالب ذاتا وصفة وهذا ابلغ من قول «لا يغلبكم احد» لأنه يدل على نفي الصفة فقط.
قوله تعالى : (وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ).
اي : وان أراد تعالى خذلانكم بسبب معاصيكم وعدم توكلكم عليه فلا احد يملك نصركم بعد خذلانه. والاستفهام إنكاري يفيد نفي التأخير ، والكلام في قوله تعالى : (فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ) على حد قوله تعالى (فَلا غالِبَ لَكُمْ) من نفي الجنس بنفي جميع افراد الناصرين ذاتا وصفة.
وانما لم يذكر سبحانه النفي صريحا في هذه الآية المباركة كما ذكره في جواب الشرط الاول تلطفا بالمؤمنين حيث لم يصرح سبحانه بانه لا ناصر لهم واكتفى بعدم الغلبة لهم وان كان هذا يفيد ذلك أيضا.