الأذى معلوم.
وانما ذكر عزوجل (مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) تعريضا بهم بأن من أوتي الكتاب لا ينبغي ان يصدر منه ذلك فانه لا بد ان يكون زاجرا له ويؤكد ذلك ذكر (مِنْ قَبْلِكُمْ) وأما ما صدر منهم من الأذى بحق الرسول الكريم (صلىاللهعليهوآله) والدين الحق والمؤمنين فهو معلوم ولا يزال يصدر ذلك منهم على مر العصور.
قوله تعالى : (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا).
بيان لاهم ما ينتظم به نظام الدين والدنيا وهو الصبر على الشدائد والأهوال وما يرد عليهم من المكاره والآفات في الأنفس والأموال ولو كانت من ناحية التكاليف والمقادير الإلهية.
والتقوى لله تعالى بالطاعة له عزوجل وباجتناب نواهيه وما يوجب سخطه ، وبهما تستعد النفوس لتلقى الأهوال والأذى الكثير والعصمة من الوهن والفشل. كما ان بهما تنال الدرجات العالية والثواب العظيم فلو تجسم الصبر لكان في احسن مثال وأتم حال كما انه لو تجسمت التقوى في الدنيا لكانت في أفضل نعيم الآخرة. وانما قرن عزوجل بين الصبر والتقوى لما ذكرناه ولبيان ان العمل لا بد وان ينبعث عن القلب فيكون من عزم الأمور.
قوله تعالى : (فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).
عزم مصدر بمعنى المعزوم يقال : عزم الأمر بالنصب على المفعولية وقيل عزمت على الأمر ايضا. وهو يرجع الى عقد القلب ، والجزم في العمل لما فيه من كمال الشرف والمزية. وعزائم الأمور محكماتها ومتقناتها التي لا تصدر الا من ذوى الألباب الذين وصفهم الله تعالى