تفسيرها عن الآيات الاخرى في انها قد ذكر فيها توفية الأجر ونوعه وكيفيته فتكون كالتفسير لتلك الآيات المباركة لأنه عزوجل اكتفى بكونه مرجعا للعباد فقال (إِلَيْنا تُرْجَعُونَ).
الثالث : انما عبر سبحانه وتعالى بالذوق في قوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) لبيان ان الموت يسري في جميع البدن كما يسري المذوقات فيه كما إذا شرب سما ، وللكناية عن الاحساس بمرارة خروج الروح ، وللاعلام بان ذوق الموت شيء وذات الموت شيء آخر ، ولذا ورد في بعض الاخبار ان المقتول يرجع ليذوق الموت وقد تقدم في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) آل عمران ـ ١٥٦.
الرابع : يستفاد من قوله تعالى : (وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) على إيجازه البليغ المعجز ان لكل نفس جزاء معينا إما خيرا أو شرا. ونوعية الجزاء وانها إما الجنة أو النار ، وكيفيته وهي هول النار وشدتها ، وراحة الجنة والنجاة فيها.
وانما ذكر عزوجل ذلك عقيب ذلك الحكم الكلي العام المقضي في حق كل نفس للاعلام بأن وراء الموت حياة اخرى يتميز فيها المحسن عن المسيء ويرى كل منهما جزاء عمله ، فان العلم بذلك يهون كل خطب ويسهل كل صعب.
الخامس : يستفاد من قوله تعالى : (إِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ) ثبوت حياة البرزخ وان الأرواح فيها إما ان تكون معذبة أو متنعمة