ان ذلك الابتلاء مستمر وسيتكرر من الكافرين والمنافقين وسيلقون منهم الأذى بكل ما يمكنهم ، وانما أعلمهم عزوجل به قبل وقوعه ليوطنوا أنفسهم على احتماله فتستعد نفوسهم ويتقبلوا الابتلاء بصبر وعزيمة ورضى فلا يحزنوا على ما يفوتهم من متاع الدنيا ، فيكون ترتب هذه الآية الشريفة على سابقتها من قبيل ترتب المعلول على العلة أو المقتضى (بالفتح) على المقتضي (بالكسر) لان من لوازم متاع الغرور الابتلاء بالنسبة الى من هو مؤمن وليس من اهل الاغترار فلا بد من التمييز واظهار الثابت على الحق والمطيع عن غيرهما ، بل يمكن ان يعد وجود من يهتم بإصلاح نفسه ويطلب وجه الله تعالى والآخرة في دار الغرور ابتلاء وفي الحديث : «ان أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل» وعلى هذا يكون ما ورد في هذه الآية الشريفة من قبيل القضايا الحقيقية.
وكيف كان ففي الآية المباركة التسلية للنبي (صلىاللهعليهوآله) والمؤمنين بعد التسلية بقوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ).
والبلاء والابتلاء بمعنى واحد وهو الاختبار بما يصعب تحمله أو فعله ويأتي في الخير والشر قال تعالى : (وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) الأعراف ـ ١٦٨ وقال تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) الأنبياء ـ ٣٥ وقال تعالى : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ) الفجر ـ ١٦ والابتلاء في الأموال والأنفس هو الوقوع في تكاليف خاصة حسب المصالح ، ومثال الاول هو التكاليف الآمرة ببذل الأموال في الصدقات وقضاء الحوائج وما يتطلبه الدعوة على المؤمن من بذل المال ، وما يفقد