أقول : الأحاديث في مضمون ذلك كثيرة مروية في كتب الفريقين وقد ذكرنا انها من باب المثال لكل ثقل يطوق به في عنق الذي بخل بما تفضل الله عليه وذكر الزكاة والمال انما هو من ذكر أهم المصاديق وإلا فالآية المباركة عامة تشمل مطلق ما تفضل الله تعالى على الإنسان ولا بعد في تقليد الأرض في عنق مانع الحق لان تقليل الكثير وتكثير القليل واقعان تحت قدرته فهو يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
وفي الدر المنثور اخرج ابن المنذر وابن جرير عن قتادة في قوله تعالى : (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا) قال : «ذكر انها نزلت في حيي بن اخطب لما نزل (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) قال : يستقرضنا ربنا انما يستقرض الفقير الغني».
أقول : الروايات في مضمون ذلك كثيرة وفي بعضها ان الذي قال ذلك رجل من اليهود ويقال له فنحاص وكان من علمائهم ؛ وفي آخر ان الذي قاله هم اليهود لما أتت الى رسول الله (صلىاللهعليهوآله).
وفي تفسير العياشي في قوله تعالى : (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ) قال : «والله ما رأوا الله حتى يعلموا انه فقير ولكنهم رأوا أولياء الله فقراء فقالوا : لو كان غنيا لا غنى أولياءه وفخروا على الله بالغنى».
أقول : مثله ما رواه القمي في تفسيره ويستفاد منه ان الأسباب لهذه المقالة متعددة ومقصود اليهود من ذلك معروف وهو تطميع المؤمنين بالمال والإيحاء إليهم بأنهم هم الأغنياء والمال عندهم فقط فلا ينفعهم الايمان ، ويدل على ما ذكرناه ما ورد في المناقب عن الباقر (عليه