وعزم النية وعقد القلب ثم التوكل عليه عزوجل في إصلاح الأمور وإنجاحها وسيأتي في البحث الاخلاقي تفصيل ذلك
الرابع : يدل قوله تعالى : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ) على ان الأثر المهم المترتب على التوكل على الله هو النصر على الأعداء والظفر بالمراد ، ولا يمكن ان يدفع ذلك احد مهما كانت مرتبته أو عظمت سلطته ، لأنه يدخل في سلطان الله تعالى وهو القوي الذي لا يغلب.
الخامس : يستفاد من قوله تعالى : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) ان شأن المؤمن ان يتوكل على الله ولا ينبغي له التخلي عنه بعد أن آمن به عزوجل وعلم بانه مسبب الأسباب وان الأمور تحت ارادته ومشيته ولا ناصر له غيره عزوجل فلا محيص من التوكل عليه ولذا كان التوكل من شأن جميع الأنبياء والمرسلين واولياء الله الصالحين.
السادس : يدل قوله تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ) على ان رسول الله (صلىاللهعليهوآله) مثال الانسانية الكاملة والمرآتية الكبرى لله جلّ جلاله وقد خلق من رحمته عزوجل كما أرسله رحمة للعالمين فصار لينا لهم كما هو شأنه عزوجل فقد سبقت رحمته غضبه وعلى هذا يكون قوله تعالى : (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) قضية فرضية امتناعية كما هو شأن غالب استعمالات كلمة «لو» فان صدقها انما يكون بصدق لزوم ترتب الجزاء على الشرط لا الوقوع الخارجي ، فتصدق هذه القضية مع الامتناع للشرط مهما كان ترتب الجزاء على الشرط لازما ولو امتنع الشرط.
وكيف كان فهذا الخطاب البليغ مع إيجازه يبين أقصى مراتب الانسانية الكاملة.