الحقيقة فقد ملأ الذكر جميع مشاعرهم وتمام حالاتهم فلا يغفلون عن الله تعالى لأنهم شاهدوا آثار عظمته في خلقه وأيقنوا أن ما سواه من فيض رحمته فاستغرقت سرائرهم في مراقبته فلا يشاهدون حالا من الأحوال في الآفاق وفي الأنفس الا وهم يعاينون شأنا من شؤونه ومظهرا من مظاهره تعالى.
واطلاق الذكر يشمل جميع انحائه من حيث الذات أو الصفات أو الأفعال فكانوا في طاعة الله تعالى دائما مما أوجب استعداد أنفسهم لقبول الفيض الالهي.
الخامس : يستفاد من قوله تعالى : (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ان التفكر الصحيح انما يكون بعد تهذيب الروح وتطهير النفس من الرذائل وذكر الله تعالى إنما يقوم بتلك الوظيفة ؛ ولذا قدمه عزوجل على التفكر في خلق السموات والأرض وهو يعد النفس لهذه الموهبة ، ويستفاد من الآية المباركة اختصاص التفكير في السموات والأرض دون الذات المقدسة لعدم الوصول الى كنه ذاته وقد ورد النهي عن التفكر في الذات ، يضاف الى ذلك ان ذكر الله تعالى يغني عن التفكر في الذات ، وهذه الآية المباركة ترشد الناس إلى التفكر في أفعاله تبارك وتعالى.
السادس : يمكن ان يراد بالقيام في قوله تعالى : (قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) مطلق القيام بالوظائف العبودية لا خصوص القيام حال الصلاة ، فكل من سعى في قضاء حوائج المؤمنين أو في تعظيم شعائر الله تعالى ، أو في معاش العيال ونحو ذلك مما هو كثير داخل في الآية الشريفة لقوله (عليهالسلام) : «الكاد لعياله مجاهد في سبيل الله» وقوله (عليهالسلام) : «الكاسب حبيب الله» وقوله (عليهالسلام)