آيات أخرى ، ونحن نذكر جملة منها في المقام. والأمر المهم هو ان الدعاء هنا صدر عن قلوب مؤمنة صادقة في إيمانها تفكرت وتدبرت وتذكرت واهتدت الى الحق فتوجهت الى الله تعالى بمشاعر ايمانية خالصة ، وتوسلت اليه عزوجل وجعلت إيمانها وسيلة لقبول دعائهم وهذا الدعاء الحار الذي صدر منهم يدل على كمال العرفان الالهي فيهم ونراهم انهم يكررون لفظ «ربنا» خمس مرات في دعواتهم على سبيل الاستعطاف وطلب رحمته وقد ذكروا هذا الاسم لما فيه من الأثر العظيم في استجابة الدعاء.
وقد تكرر هذا الاسم المبارك كثيرا في دعوات الأنبياء والمرسلين وذلك لأن في هذا الاسم الدلالة النفسية على حرارة التوجه وصدق الرغبة في التكرار لدلالته على الإلحاح في المسألة وكثرة الطلب من الله سبحانه وتعالى ، فهم لا يزالون يلحون في الدعاء ويقولون «ربنا» حتى استجاب لهم ربهم وعطف عليهم ورحمهم ثم إنهم دخلوا في هذا الميدان بعد تطهير أنفسهم من الذنوب والآثام والاشتغال بذكر الله تعالى وملأوا مشاعرهم من عظمته وقد كرروا لفظ الايمان ومشتقاته لتوكيد ايمانهم وتقديمه امام طلبهم لما فيه الأثر في الاستجابة.
وقد اشتمل دعاؤهم على كمال الخضوع والخشوع وشدة التوجه اليه عزوجل. فقدموا الثناء على الطلب والدعاء ثم طلبوا الوقاية من النار فإنها أهم مطلب لأولي الألباب لما علموا من تقصيرهم وما يصدر عنهم مما يوجب سلب التوفيق والخزي فالتمسوا منه عزوجل العناية والتوفيق والسلامة من كل خزي وطلبوا منه النصرة ثم أكدوا على طلب غفران الذنوب وتكفير السيئات بعد ما قدموا ما يؤهلهم للاستجابة وهو الايمان ثم لم يقتصر دعاؤهم على خصوص الدنيا بل