تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ) على ان المناط في كل خير ونفع هو التقوى ، وان الدنيا وما فيها انما هي وسيلة إلى النعمة العظيمة الابدية التي لا يمكن نيلها إلا بالتقوى ، فالآية الكريمة رد لمزاعم الكفار والمنافقين في انهم متمتعون والمؤمنون في خسران.
وانما ذكر عزوجل التقوى للدلالة على أن حرمان المؤمنين من بعض حظوظ الدنيا من سبل التقوى ، فلا يتوهم احد بأنه من موجبات شقائهم. وذكر المتقين بعد الكافرين من احسن وجوه البلاغة في بيان الصنفين المختلفين المتضادين.
الرابع : يدل قوله تعالى : (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ) على ان للأبرار منزلة عظيمة فوق منزلة سائر المؤمنين المتقين وانهم طائفة خاصة من الذين اتقوا ولهم شأن عظيم عند الله تعالى وقد شرفهم الله تعالى بأن حباهم ما هو اكثر وأدوم ، وأعظم ، وأوصلهم الى مقام القرب الذي لا يوازيه شيء من نعيم الجنة قال تعالى : (إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) المطففين ـ ٢٤.
الخامس : يدل قوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) على ان الوحدة الجامعة لجميع الأديان الإلهية هي الايمان بالله تعالى وما انزل الى المؤمنين وما انزل إليهم ما لم تمسه يد التحريف والتزوير ، والخشوع لله تعالى وعدم كتمان الحق فمن كان من اهل الكتاب متصفا بهذه الصفات الحميدة كان له الأجر العظيم المحفوظ عند ربهم الذي يرعى شؤونهم ومصالحهم ، ومن تخلف كان