على الله تعالى والاعتماد على الأسباب الظاهرية قرينان بل هي من طرق تحصيل التوكل عليه عزوجل كما عرفت ويدل عليه قوله (صلىاللهعليهوآله) : «اعقلها ثم توكل».
الثاني : ان التوكل من شروط الايمان الصحيح بل هو من أعلى مقامات التوحيد فانه التوحيد العملي الذي اعتنى به الله تعالى في كتابه الكريم واهتم به الأنبياء والمرسلون فهو يبين الجانب العملي في الايمان لأن التوكل وظيفة من وظائف القلب فان به تطمئن النفس ويسكن القلب وبه يدخل المؤمن تحت الآية المباركة (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) الفجر ـ ٣٠.
وبالجملة : لما كان هذا العالم متقوما بالأسباب والمسببات الطولية والعرضية ولا بد من انتهاء تلك إلى سبب غيبي وربوبية عظمى لا يعقل فوقها ربوبية وقيمومية كبرى ليس ورائها قيم أصلا ، فيكون الجميع مسخرا تحت ارادته ومشيته التامة ، فلا الماديات تعوق مشيته ولا التكثرات تمتنع قهاريته ، ولا ريب في تحقق ما ذكر في هذا النظام الأحسن وآثار عظمته وابداعه ووحدانيته ظاهرة في كل شيء ، والتوحيد عبارة عن الاعتقاد بهذه الحقيقة ، والتوكل هو الاعتماد على مدبر هذا العالم وخالقه وصانعه ، فان طابق الاعتقاد مع الواقع على ما هو عليه تتجلّى حقيقة التوكل وإلا فلا توكل.
ومن ذلك يظهر السر في ما ورد عن الائمة (عليهمالسلام) : «ان قول القائل لو لا ان فلانا لهلكت شرك قيل له (عليهالسلام) فكيف نقول؟ قال (عليهالسلام) تقول لو لا ان منّ الله عليّ بفلان لهلكت» كما يظهر السر في قوله تعالى : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) يوسف ـ ١٠٦ فالتوكل الحقيقي هو الاعتقاد